responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 192
فِي الدُّنْيَا وَتُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: كَانَ الْكَافِرُونَ يَعْتَزُّونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ فَتَوَعَّدَهُمُ اللهُ - تَعَالَى - وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالْكَثْرَةِ وَالثَّرْوَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
أَقُولُ: يُشِيرُ إِلَى مِثْلِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [34: 35] وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ كَثْرَةَ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ تَنْفَعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ - إِنْ كَانَ هُنَاكَ آخِرَةٌ - كَمَا تَنْفَعُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ - تَعَالَى - يُعْطِيهِمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَعْطَاهُمْ فِي الدُّنْيَا. كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا [19: 77، 78] إِلَخْ. وَكَقَوْلِهِ فِي صَاحِبِ الْجَنَّةِ، أَيِ الْبُسْتَانِ: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا [18: 35، 36] وَقَدْ رَدَّ الْقُرْآنُ شُبْهَتَهُمْ وَدَعْوَاهُمْ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ، أَمَّا غُرُورُهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَحُسْبَانُهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ بِهَا غَالِبِينَ أَعِزَّاءَ دَائِمًا، فَذَلِكَ مَعْهُودٌ وَشُبْهَتُهُ ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا زَعْمُهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ مُنْتَهَى الطُّغْيَانِ الَّذِي بَيَّنَهُ اللهُ - تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [96: 6، 7] وَقَدْ أَنْفَذَ اللهُ وَعِيدَهُ الْأَوَّلَ فِي أُولَئِكَ الْكَافِرِينَ فَغُلِبُوا فِي الدُّنْيَا. قِيلَ: إِنَّ الْخِطَابَ لِلْيَهُودِ وَقَدْ غَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوا بَنِي قُرَيْظَةَ الْخَائِنِينَ، وَأَجْلَوْا بَنِي النَّضِيرِ الْمُنَافِقِينَ، وَفَتَحُوا خَيْبَرَ. وَقِيلَ: هُوَ لِلْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ غَلَبَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَتَمَّ اللهُ نِعْمَتَهُ بِغَلَبِهِمْ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَلَمْ تُغْنِ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ، وَسَيَنْفُذُ وَعِيدُهُ بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمِهَادُ مَا مَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ بِئْسَ الْمِهَادُ جَهَنَّمُ. الْمِهَادُ: الْفِرَاشُ، يُقَالُ: مَهَّدَ الرَّجُلُ الْمِهَادَ إِذَا بَسَطَهُ، وَيُقَالُ: مَهَّدَ الْأَمْرَ، إِذَا هَيَّأَهُ وَأَعَدَّهُ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ جُمْلَةَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
مَحْكِيَّةً بِالْقَوْلِ، أَيْ وَيُقَالُ لَهُمْ: بِئْسَ الْمِهَادُ.
قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ: (تَرَوْنَهُمْ) بِتَاءِ الْخِطَابِ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ. يَقُولُ - تَعَالَى -: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْمَغْرُورِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَبِأَعْوَانِهِمْ وَأَنْصَارِهِمْ: لَا تَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ الْعَدَدِ وَلَا بِمَا يَأْتِي بِهِ الْمَالُ مِنَ الْعَدَدِ، وَلَا تَحْسَبُوا أَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي يُفْضِي إِلَى النَّصْرِ وَالْغَلَبِ، فَإِنَّ فِي الِاعْتِبَارِ بِبَعْضِ حَوَادِثِ الزَّمَانِ أَوْضَحَ آيَةٍ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْحُسْبَانِ، فَذَكَرَ الْفِئَتَيْنِ، أَيِ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ الْتَقَتَا فِي الْقِتَالِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمِثَالِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ هِيَ مَا كَانَ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى وَقْعَةِ بِدْرٍ - كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُ (الْجَلَالُ) - وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى وَقَائِعَ أُخْرَى قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَيُرَجَّحُ هَذَا إِذَا كَانَ الْخِطَابُ لِلْيَهُودِ ; فَإِنَّ فِي كُتُبِهِمْ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبْرَةِ كَقِصَّةِ طَالُوتَ وَجَالُوتَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. أَقُولُ: (أَوْ قِصَّةُ جَدْعُونَ عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنَ التَّحْرِيفِ) وَيُرَجَّحُ الْأَوَّلُ إِذَا كَانَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست