responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 361
أَقُولُ: عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اقْتَصَرَ (الْجَلَالُ) مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ السُّدِّيَّ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ الْمُفَسِّرُ الْكَذَّابُ كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ - وَلَيْسَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ التَّابِعِيُّ الَّذِي وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ - وَذَكَرَ فِي عَدَدِهِمْ أَقْوَالًا أَقَلُّهَا
أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَأَكْثَرُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأَنَّهُمْ عَاشُوا دَهْرًا، عَلَيْهِمْ أَثَرُ الْمَوْتِ، لَا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا إِلَّا عَادَ كَالْكَفَنِ، وَاسْتَمَرَّتْ فِي أَسْبَاطِهِمْ!
وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: وَهِيَ أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَنْفَرَ عَسْكَرَهُ لِلْقِتَالِ فَأَبَوْا لِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي دُعُوا إِلَى قِتَالِهَا مَوْبُوءَةٌ، فَأَمَاتَهُمُ اللهُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حَتَّى انْتَفَخُوا وَعَجَزَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنْ دَفْنِهِمْ فَأَحْيَاهُمُ اللهُ تَعَالَى وَبَقِيَ فِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ النَّتْنِ، وَفِي بَعْضِ الْقَصَصِ أَنَّ ذَلِكَ انْتَقَلَ إِلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَسَيَبْقَى فِيهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضُوا! وَقَلَّمَا نَجِدُ فِي الْعُلَمَاءِ مَنْ يُنَبِّهُ النَّاسَ لِهَذِهِ الْأَكَاذِيبِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: هِيَ أَنْ حِزْقِيلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَدَبَ قَوْمَهُ إِلَى الْقِتَالِ فَكَرِهُوا وَجَبُنُوا، فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَكَثُرَ فِيهِمْ فَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنْهُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ نَبِيُّهُمْ فَأَرْسَلَ اللهُ الْمَوْتَ عَلَى الْخَارِجِينَ، ثُمَّ ضَاقَ صَدْرُهُ فَدَعَا اللهَ فَأَحْيَاهُمْ، وَلَكِنَّ هَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي نُبُوَّةِ حِزْقِيلَ مِنْ كُتُبِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ وَلَا فِي غَيْرِهَا.
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَأَلْقِ السَّمْعَ إِلَى مَا نَرْوِيهِ لَكَ عَنِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَتَدَبَّرْ مَا فِيهِ مِنْ حَقَائِقِ عِلْمِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْقُرْآنِ; لِتَعْلَمَ أَنَّ حَقَائِقَ هِدَايَةِ كِتَابِ اللهِ يَتَجَلَّى مِنْهَا فِي كُلِّ عَصْرٍ لِلْعَارِفِينَ بِاللهِ مَا لَمْ يَتَجَلَّ لِسِوَاهُمْ، وَأَنَّهُ الْكِتَابُ الَّذِي لَا تَنْتَهِي هِدَايَتُهُ وَلَا تَنْفَدُ مَعَارِفُهُ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ كَالْمَطَرِ قَدْ يَكُونُ فِي آخِرِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ كَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ) الِاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّعْجِيبِ وَالْعِبْرَةِ، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ بَلَغَهُ، وَالرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَالْعِبَارَةُ اسْتُعْمِلَتِ اسْتِعْمَالَ الْمَثَلِ، فَهِيَ تُوَجَّهُ إِلَى مَنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ، وَالتَّقْدِيرُ: أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ
إِلَى حَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ (وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) ؟ فَإِنَّ حَالَهُمْ عَجِيبَةٌ مِنْ حَقِّهَا أَلَّا تُجْهَلَ، فَإِنَّهُمْ فِي كَثْرَتِهِمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُمْ مِنَ الشَّجَاعَةِ مَا يَرْبَأُ بِهِمْ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْ وَطَنِهِمْ حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست