responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 344
وَقَدْ خُتِمَتِ الْآيَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) جَرْيًا عَلَى السُّنَّةِ الْإِلَهِيَّةِ بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّحْذِيرِ بَعْدَ تَقْرِيرِ الْأَحْكَامِ; لِتَكُونَ مَقْرُونَةً بِالْمَوْعِظَةِ الَّتِي تُغَذِّي الْإِيمَانَ وَتَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ.
وَفِي التَّذْكِيرِ بِاطِّلَاعِ اللهِ تَعَالَى وَإِحَاطَةِ بَصَرِهِ بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْأَزْوَاجُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا تَرْغِيبٌ فِي الْمُحَاسَنَةِ وَالْفَضْلِ، وَتَرْهِيبٌ لِأَهْلِ الْمُخَاشَنَةِ وَالْجَهْلِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ مَا مَعْنَاهُ: مَنْ تَدَبَّرَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَفَهِمَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ يَتَجَلَّى لَهُ نِسْبَةُ مُسْلِمِي هَذَا الْعَصْرِ إِلَى الْقُرْآنِ، وَمَبْلَغُ حَظِّهِمْ مِنَ الْإِسْلَامِ.
قَالَ: وَأَخُصُّ الْمِصْرِيِّينَ بِالذِّكْرِ; فَإِنَّ الرَّوَابِطَ الطَّبِيعِيَّةَ فِي النِّكَاحِ وَالصَّهْرِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْقَرَابَةِ صَارَتْ فِي مِصْرَ أَرَثَّ وَأَضْعَفَ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، فَمَنْ نَظَرَ فِي أَحْوَالِهِمْ وَتَبَيَّنَ مَا يُرْجَى بَيْنَ الْأَزْوَاجِ مِنَ الْمُخَاصَمَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ وَالْمُضَارَّاتِ، وَمَا يَكِيدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، بَلْ يَجِدُهُمْ كَأَنَّهُمْ لَا شَرِيعَةَ لَهُمْ وَلَا دِينَ بَلْ آلِهَتُهُمْ أَهْوَاؤُهُمْ، وَشَرِيعَتُهُمْ شَهَوَاتُهُمْ، وَأَنَّ حَالَ الْمُمَاكَسَةِ بَيْنَ التُّجَّارِ فِي السِّلَعِ هِيَ أَحْفَظُ وَأَضْبُطُ مِنْ حَالِ الزَّوَاجِ، وَأَقْوَى فِي
الصِّلَةِ مِنْ رَوَابِطِ الْأَزْوَاجِ. وَسَرَدَ فِي الدَّرْسِ وَقَائِعَ تُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ (مِنْهَا) أَنَّ رَجُلًا هَجَرَ زَوْجَتَهُ - وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّهِ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتٌ - بِغَيْرِ ذَنْبٍ غَيْرِ الطَّمَعِ فِي الْمَالِ، فَكَانَ كُلَّمَا كَلَّمُوهُ فِي شَأْنِهَا قَالَ: لِتَشْتَرِ عِصْمَتَهَا مِنِّي. (وَمِنْهَا) مَا هُوَ أَدْهَى مِنْ ذَلِكَ وَأَمَرُّ كَالَّذِينِ يَتْرُكُونَ نِسَاءَهُمْ بِغَيْرِ نَفَقَاتٍ حَتَّى قَدْ يَضْطَرُّوهُنَّ إِلَى بَيْعِ أَعْرَاضِهِنَّ، وَكَالْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ بِالْقُرُوءِ يَزْعُمْنَ أَنَّ حَيْضَهُنَّ حَبْسٌ، فَتَمُرُّ السُّنُونَ وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِزَعْمِهِنَّ، وَمَا الْغَرَضُ إِلَّا إِلْزَامُ الْمُطَلِّقِ النَّفَقَةَ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ انْتِقَامًا مِنْهُ، وَكَالَّذِينِ يَذَرُونَ أَزْوَاجَهُمْ كَالْمُعَلَّقَاتِ لَا يُمْسِكُونَهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا يُسَرِّحُونَهُنَّ بِإِحْسَانٍ، أَوْ يَفْتَدِينَ مِنْهُمْ بِالْمَالِ، فَأَيْنَ اللهُ وَأَيْنَ كِتَابُ اللهِ وَشَرْعُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَيْنَ هُمْ مِنْهُ؟ إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّ الْمُسْرِفِينَ أَهْوَاءَهُمْ يَتَّبِعُونَ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست