responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 260
وَالْتِهَابًا، وَفِي الْأَمْعَاءِ التَّقَرُّحُ، وَفِي الْكَبِدِ تَمْدِيدُهُ وَتَوْلِيدُ الشَّحْمِ الَّذِي يُضْعِفُ عَمَلَهُ، وَكُلُّ هَذَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يُسَمُّونَهُ الْجِهَازَ الْهَضْمِيَّ.
وَمِنْ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّمِ أَنَّهُ بِمُمَازَجَتِهِ لَهُ يَعُوقُ دَوْرَتَهُ وَقَدْ يُوقِفُهَا أَحْيَانًا فَيَمُوتُ السَّكُورُ فَجْأَةً، وَيُضْعِفُ مُرُونَةَ الشَّرَايِينِ فَتَتَمَدَّدُ وَتَغْلُظُ حَتَّى تَنْسَدَّ أَحْيَانًا فَيَفْسَدُ الدَّمُ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَتَكُونُ الْغَنْغَرِينَا الَّتِي تَقْضِي بِقَطْعِ الْعُضْوِ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ لِئَلَّا يَسْرِيَ الْفَسَادُ إِلَى الْجَسَدِ كُلِّهِ فَيَكُونُ هَالِكًا، وَتَصَلُّبُ الشَّرَايِينِ يُسْرِعُ الشَّيْخُوخَةَ وَالْهَرَمَ.
وَمِنْ تَأْثِيرِهِ فِي جِهَازِ التَّنَفُّسِ إِضْعَافُ مُرُونَةِ الْحَنْجَرَةِ، وَتَهْيِيجُ شُعَبِ التَّنَفُّسِ،
وَأَهْوَنُ ضَرَرِ ذَلِكَ بُحَّةُ الصَّوْتِ وَالسُّعَالُ، وَأَعْظَمُهَا تَدَرُّنُ الرِّئَةِ; أَيِ: السُّلُّ الْفَاتِكُ بِالشُّبَّانِ وَالْقَاطِعُ لِجَمِيعِ لَذَّاتِ الْإِنْسَانِ.
وَأَمَّا تَأْثِيرُهُ فِي الْمَجْمُوعِ الْعَصَبِيِّ فَهُوَ الَّذِي يُولِدُ الْجُنُونَ وَيُهْلِكُ النَّسْلَ، فَوَلَدُ السَّكُورِ لَا يَكُونُ نَجِيبًا، وَوَلَدُ وَلَدِهِ يَكُونُ شَرًّا مِنْ وَلَدِهِ وَأَضْعَفَ بَدَنًا وَعَقْلًا، وَقَدْ يُؤَدِّي تَسَلْسُلُ هَذَا الضَّعْفِ إِلَى انْقِطَاعِ النَّسْلِ أَلْبَتَّةَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا جَرَى الْأَبْنَاءُ عَلَى طَرِيقِ الْآبَاءِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ.
وَمِنْ مَضَرَّاتِ الْخَمْرِ فِي التَّعَامُلِ وُقُوعُ النِّزَاعِ وَالْخِصَامِ بَيْنَ السُّكَارَى بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ يُعَاشِرُهُمْ وَيُعَامِلُهُمْ، تُثِيرُ ذَلِكَ أَدْنَى بَادِرَةٍ مِنْ أَحَدِهِمْ، فَيُوغِلُونَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ عَدَاوَةٌ وَبَغْضَاءُ. وَهَذِهِ الْعِلَّةُ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ أَكْبَرِ الْعِلَلِ فِي نَظَرِ الدِّينِ; وَلِذَلِكَ وَرَدَ بِهَا النَّصُّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) (5: 91) .
وَمِنْهَا إِفْشَاءُ السِّرِّ، وَهُوَ ضَرَرٌ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَضَرَّاتٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ السِّرُّ يَتَعَلَّقُ بِالْحُكُومَةِ وَسِيَاسَةِ الدَّوْلَةِ وَمَصَالِحِهَا الْعَسْكَرِيَّةِ، وَعَلَيْهَا يَعْتَمِدُ الْجَوَاسِيسُ.
وَمِنْهَا الْخِسَّةُ وَالْمَهَانَةُ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ; فَإِنَّ السَّكْرَانَ يَكُونُ فِي هَيْئَتِهِ وَكَلَامِهِ وَحَرَكَاتِهِ بِحَيْثُ يَضْحَكُ مِنْهُ وَيَسْتَخِفُّ بِهِ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ، حَتَّى الصِّبْيَانُ; لِأَنَّهُ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُمْ عَقْلًا، وَأَبْعَدَ عَنِ التَّوَازُنِ فِي حَرَكَاتِهِ وَأَعْمَالِهِ، وَالضَّبْطِ فِي أَفْكَارِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَيَنْقُلُونَ عَنِ السُّكَارَى مِنَ النَّوَادِرِ الْغَرِيبَةِ مَا يَكْفِي فِي رَدْعِ مَنْ لَهُ شَرَفٌ وَعَقْلٌ عَنِ الْخَمْرِ، فَيُرَاجَعُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ وَالْمُحَاضَرَةِ، وَمِمَّا ذُكِرَ عَنِ الْمُحَدِّثِينَ: أَنَّ ابْنَ أَبِي الدُّنْيَا مَرَّ بِسَكْرَانَ وَهُوَ يَبُولُ فِي يَدِهِ وَيَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ كَهَيْئَةِ الْمُتَوَضِّئِ، وَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْإِسْلَامَ نُورًا وَالْمَاءَ طَهُورًا، وَعَرَضَ بَعْضُهُمْ شُرْبَ الْخَمْرِ عَلَى أَحَدِ فُصَحَاءِ الْمَجَانِينِ فَقَالَ لَهُ الْمَجْنُونُ: أَنْتَ تَشْرَبُ لِتَكُونَ مِثْلِي، فَأَنَا أَشْرَبُ لِأَكُونَ مِثْلَ مَنْ؟

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست