responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 177
وَأَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ (1) الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ: الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلشَّيْءِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَكَانُ الَّذِي عَيَّنَهُ الشَّارِعُ لِإِحْرَامِ أَهْلِ كُلِّ قُطْرٍ، وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْإِحْرَامِ.
(2) الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. (3، 4) الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. (5) الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ لِلشَّعْرِ. فَمَنْ أَدَّى هَذِهِ الْأَعْمَالَ فَقَدْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ. وَلَهُ أَعْمَالٌ أُخْرَى وَاجِبَةٌ مَنْ قَصَّرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ هِيَ مَا عَدَا الْوُقُوفَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ. وَفَرْضِيَّةُ الْحَجِّ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا مَعْلُومَةٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مَنْ أَنْكَرَهَا كَانَ مُرْتَدًّا، وَالرَّاجِحُ
أَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً.
هَذَا مَا كَتَبْتُهُ عَقِبَ حُضُورِ دَرْسِ التَّفْسِيرِ عَلَى شَيْخِنَا وَطُبِعَ فِي الْمَنَارِ سَنَةَ 1322 هـ ثُمَّ عَلَى حِدَةٍ سَنَةَ 1325 وَأَقُولُ الْآنَ: إِنَّ الْحَجَّ مِمَّا أَقَرَّهُ الْإِسْلَامُ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَآيَةُ آلِ عِمْرَانَ فِي التَّصْرِيحِ بِفَرْضِيَّتِهِ نَزَلَتْ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ ; لِأَنَّ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ نَزَلَتْ عَقِبَ غَزْوَةِ أُحُدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَلَكِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُمُ الْحَجُّ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَالطَّائِفِ وَكَانَ فَتْحُهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ خَرَجُوا لِلْحَجِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِإِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَكَانَتْ تَمْهِيدًا لِحَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ عَشْرٍ إِذْ أَذَّنَ أَبُو بَكْرٍ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ حَجُّوا فِيهَا بِأَلَّا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ.
وَنَزَلَتْ آيَةُ: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (9: 28) وَلِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ فُرِضَ قَبْلَهَا وَنَفَذَ فِيهَا.
أَمَرَ بِالْإِتْمَامِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ مَا عَسَاهُ يَحُولُ دُونَهُ فَقَالَ: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) الْحَصْرُ وَالْإِحْصَارُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالتَّضْيِيقُ، يُقَالُ: حَصَرَهُ عَنِ السَّفَرِ وَأَحْصَرَهُ عَنْهُ إِذَا حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: إِنَّ الْإِحْصَارَ هُوَ الْمَنْعُ بِسَبَبِ النَّاسِ وَالْحَصْرَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْعَكْسِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى الْآتِي بَعْدُ: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ) يُرَجِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْصَارِ مَنْعُ الْعَدُوِّ ; أَيْ: إِنْ مُنِعْتُمْ مِنْ إِتْمَامِ النُّسُكِ فَعَلَيْكُمْ مَا تَيَسَّرَ لَكُمْ وَسَهُلَ حُصُولُهُ وَثَمَنُهُ مِنَ الْهَدْيِ ; وَهُوَ مَا يَهْدِيهِ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ مِنَ النَّعَمِ لِيُذْبَحَ وَيُفَرَّقَ عَلَى فُقَرَائِهِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا اسْتَيْسَرَ: الشَّاةُ وَهِيَ أَدْنَاهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ: جَمَلٌ أَوْ بَقَرَةٌ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا اسْتَيْسَرَ لَهُ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا عَظُمَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنْ يَذْبَحَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ وَلَوْ فِي الْحِلِّ وَيَتَحَلَّلُ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَبَحَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِهَا وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ عَلَى الْأَرْجَحِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست