responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 176
فُلَانُ أَوْ لِيُحْتَفَلَ بِقُدُومِهِ، وَهَذَا مِنْ أَخَسِّ ضُرُوبِ الرِّيَاءِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَقْتَرِضُ بِالرِّبَا وَيَحُجُّ فَيُرِيدُ أَنْ يَعْبُدَ بِأَنْكَرِ الْمُنْكَرَاتِ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ كَالْحَجِّ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا سُنَّةٌ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَعَلَيْهِ مَالِكٌ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلٌ بِالْوُجُوبِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلَا تَصْلُحُ حُجَّةً عَلَى الْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةَ خِطَابٌ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِمَا، وَهُوَ يَصْدُقُ وَإِنْ كَانَتِ الْعُمْرَةُ سُنَّةً.
وَيَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (3: 97) وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ. وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي الْعُمْرَةِ فَمُتَعَارِضَةٌ. وَالصَّوَابُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ النَّاطِقَةَ بِأَنَّ الْعُمْرَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَبِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ ضَعِيفَةٌ، وَأَقْوَاهَا حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَخْبِرْنِي عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: ((لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ)) وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُونَ،
وَبَالَغَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَكْذُوبٌ وَبَاطِلٌ. وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنَ اتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِهِ.
وَأَقْوَى أَحَادِيثِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ، فَقَالَ: ((حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَا نَكِيرٍ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمَ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَوْجَبَ مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ، فَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ صَارِفٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا السَّائِلَ لَمْ يَقْصِدِ السُّؤَالَ عَنْ مَشْرُوعِيَّةِ أَصْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ حُكْمَهُمَا وَإِنَّمَا سَأَلَ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا عَنْ أَبِيهِ الَّذِي يُقْعِدُهُ عَنْهُمَا الْعَجْزُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَ الْعُمْرَةِ سُنَّةً مُتَّبَعَةً لَا فَرْضًا لَازِمًا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا عَدَمُ ذِكْرِهَا فِي الْآيَةِ النَّاطِقَةِ بِالْوُجُوبِ وَلَا فِي حَدِيثِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ تَطَوُّعُ النُّسُكِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ لَفْظُ التَّطَوُّعِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ فَمَتَى شَرَعَ فِيهَا كَانَ إِتْمَامُهُمَا وَاجِبًا. وَمَا تَقَدَّمَ فِي مَعْنَى الْإِتْمَامِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا إِنْ صَحَّ لَا يُنَافِيهِ، وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَضَمِّخًا بِالزَّعْفَرَانِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللهِ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللهُ الْآيَةَ، فَقَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ)) ؟ قَالَ: هَأَنَذَا، فَقَالَ لَهُ: ((أَلْقِ عَنْكَ ثِيَابَكَ ثُمَّ اغْتَسِلْ وَاسْتَنْشِقْ مَا اسْتَطَعْتَ ثُمَّ مَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ)) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست