responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 138
وَكَمِ اسْتَجَابَ اللهُ لَنَا مِنْ دُعَاءٍ، وَكَشَفَ عَنَّا مِنْ بَلَاءٍ، وَرَزَقَنَا مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَسِبُ وَلَا نَتَّخِذُ الْأَسْبَابَ، وَلَكِنْ بِتَسْخِيرِهِ هُوَ لِلْأَسْبَابِ.
سَأَلَ سَائِلٌ فِي الدَّرْسِ: إِذَا كَانَ الرِّزْقُ مُقَدَّرًا فَعَلَامَ السُّؤَالُ؟ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ: إِذَا كَانَتْ إِجَابَتِي أَوْ عَدَمُهَا مُقَدَّرًا فَلِمَ السُّؤَالُ؟ هَذَا لَا يُقَالُ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَا الْحِكْمَةُ فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ مِنَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ ((الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)) وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِنَا وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ سَرَائِرُنَا؟ قَالَتِ الصُّوفِيَّةُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ فَزَعُ الْقَلْبِ إِلَى اللهِ وَشُعُورُهُ بِالْحَاجَةِ إِلَى مَعُونَتِهِ وَالْتِجَاؤُهُ إِلَيْهِ. وَيَحْتَجُّونَ بِمَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
أَنَّ جِبْرِيلَ سَأَلَهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا. قَالَ: فَادْعُ اللهَ. قَالَ: حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي.
(أَقُولُ) : وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ مَطْلُوبٌ بِالْقَوْلِ مَعَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ بِالْقَلْبِ، وَمِنْهُ الْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ; ذَلِكَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِاللِّسَانِ هُوَ أَثَرُ الشُّعُورِ بِالْحَاجَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَفَزَعِ الْقَلْبِ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثَرُهُ فَهُوَ مُذَكِّرٌ بِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ مَظَاهِرِ الْإِيمَانِ ; وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَّ الْعِبَادَةِ، فَهُوَ يُطْلَبُ لِذَلِكَ، وَإِجَابَةُ اللهِ الدُّعَاءَ تَقَبُّلُهُ مِمَّنْ أَخْلَصَ لَهُ وَفَزِعَ إِلَيْهِ بِرُوحِهِ وَرِضَاهُ عَنْهُ سَوَاءٌ أَوَصَلَ إِلَيْهِ مَا طَلَبَهُ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ أَمْ لَمْ يَصِلْ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ((رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَمَتْنُهُ صَحِيحٌ فَهُوَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) بِصِيغَةِ الْحَصْرِ وَهُوَ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرِدِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
(فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) قَالُوا: اسْتَجَابَ لَهُ وَاسْتَجَابَهُ وَأَجَابَهُ إِلَى الشَّيْءِ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ وَيُؤْتِيَهُ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الِاسْتِجَابَةُ قِيلَ هِيَ الْإِجَابَةُ، وَحَقِيقَتُهَا التَّحَرِّي لِلْجَوَابِ وَالتَّهَيُّؤِ لَهُ، لَكِنْ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْإِجَابَةِ لِقِلَّةِ انْفِكَاكِهَا مِنْهَا. اهـ.
وَأَوْرَدَ الشَّوَاهِدَ عَلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ وَمِنْهَا هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تَفْسِيرِ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) (8: 24) أَنَّ الْأَقْرَبَ إِلَى الْفَهْمِ مَا قَالَهُ الرَّاغِبُ وَعَكسَهُ، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ هِيَ الْإِجَابَةُ بِعِنَايَةٍ وَاسْتِعْدَادٍ، فَتَكُونُ زِيَادَةُ السِّينِ وَالتَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ يَقْرُبُ مِمَّا قَالُوهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست