responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 297
إِلَّا إِنْكَارَ هِدَايَةِ الْإِيصَالِ إِلَى الْحَقِّ بِالْفِعْلِ، دُونَ هِدَايَةِ التَّشْرِيعِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَلَوْ عَدَّاهُ بِاللَّامِ لَكَانَ بِمَعْنَى تَعْدِيَتِهِ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَتِ اللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ أَوْ لِإِنْكَارِ هِدَايَةٍ يُقْصَدُ بِهَا الْحَقُّ إِنْ كَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ وَأَبْلَغُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ تَعْدِيَتُهُ بِاللَّامِ فَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْأَوَّلَ، وَإِذَا جَرَيْنَا عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّامِ بِمَعْنَيَيْهَا عَلَى مَذْهَبِنَا الَّذِي اتَّبَعْنَا فِيهِ الْإِمَامَيْنِ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ، يَكُونُ مَعْنَاهُ: قُلِ اللهُ يَهْدِي لِمَا هُوَ الْحَقُّ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْمُهْتَدُونَ بِهِ عَلَى الْحَقِّ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: أَيْ حَذْفُ الْمُتَعَلِّقِ فَهُوَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى) قَرَأَ (يَهِدِّي) يَعْقُوبُ وَحَفْصٌ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِّ وَأَصْلُهُ يَهْتَدِي كَمَا سَيَأْتِي فِي بَحْثِ لُغَةِ الْكَلِمَةِ، وَقَرَأَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّخْفِيفِ كَيَرْمِي، وَمَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ مَعَ مَا قَبْلَهُمَا نَصًّا وَاقْتِضَاءً: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَيَهْدِي لَهُ وَيَهْدِيهِ - وَهُوَ اللهُ تَعَالَى - أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ فِيمَا يُشَرِّعُهُ، أَمْ مَنْ لَا يَهْدِي غَيْرَهُ وَلَا هُوَ يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ مِمَّنْ عُبِدَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَنْ يَهْدِيَهُ غَيْرُهُ، أَيِ اللهُ تَعَالَى
إِذْ لَا هَادِيَ غَيْرُهُ؟ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مَنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَفَى عَنْهُمُ الْهِدَايَةَ مِمَّنِ اتَّخَذُوا شُرَكَاءَ لِلَّهِ تَعَالَى يَشْمَلُ الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَعُزَيْرًا وَالْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهَؤُلَاءِ كَانُوا يَهْدُونَ إِلَى الْحَقِّ بِهِدَايَةِ اللهِ وَوَحْيِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاءِ مِنْ سُورَتِهِمْ: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) (21: 73) وَقَالَ النَّحَّاسُ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ لَا يَسْمَعُ غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَسْمَعَ، أَيْ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَسْمَعَ، فَمَعْنَى (إِلَّا أَنْ يُهْدَى) لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُهْدَى انْتَهَى. فَيَا لَلَّهِ الْعَجَبُ مِنْ هَذِهِ الْبَلَاغَةِ الَّتِي يَظْهَرُ لِلْمُدَقِّقِينَ فِي تَعْبِيرِ الْقُرْآنِ مِنْ بَدَائِعِهَا فِي كُلِّ عَصْرٍ مَا فَاتَ أَسَاطِينَ بُلَغَاءِ الْمُفَسِّرِينَ فِيمَا قَبْلَهُ.
(فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) هَذَا تَعْجِيبٌ مِنْ حَالِهِمْ فِي جَعْلِهِمْ مَنْ هَذِهِ حَالُهُمْ مِنَ الْعَجْزِ الْمُطْلَقِ شُرَكَاءَ مَعَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، أَوْرَدَهُ بِاسْتِفْهَامَيْنِ تَقْرِيعِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ، وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ أَصَابَكُمْ، وَمَاذَا حَلَّ بِكُمْ حَتَّى اتَّخَذْتُمْ شُرَكَاءَ هَذِهِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ، فَجَعَلْتُمُوهُمْ وُسَطَاءَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمُ الَّذِي لَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ وَلَا مُدَبِّرَ وَلَا هَادِيَ لَكُمْ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ سِوَاهُ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ بِجَوَازِ عِبَادَتِهِمْ، وَبِمَا زَعَمْتُمْ مِنْ وَسَاطَتِهِمْ وَشَفَاعَتِهِمْ عِنْدَهُ بِدُونِ إِذْنِهِ؟ .
وَمِنَ الْقِرَاءَاتِ اللَّفْظِيَّةِ الَّتِي لَا يَخْتَلِفُ بِهَا الْمَعْنَى، قِرَاءَةُ ((يَهِدِّي)) الْمُشَدَّدَةِ الدَّالِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ بِنَقْلِ حَرَكَةِ التَّاءِ فِي أَصْلِهَا (يَهْتَدِي) إِلَى الْهَاءِ وَإِدْغَامِهَا فِيهَا، وَقِرَاءَتِهَا بِكَسْرِهِمَا مَعًا فَالْهَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَالْيَاءُ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهَا، وَقِرَاءَتُهَا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ لِمُنَاسَبَةِ الدَّالِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ حَفْصٍ الَّتِي عَلَيْهَا أَهْلُ بِلَادِنَا.
(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) هَذَا بَيَانٌ لِحَالِ الْمُشْرِكِينَ الِاعْتِقَادِيَّةِ، فِي إِثْرِ إِقَامَةِ أَنْوَاعِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست