responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 403
بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ بِجَوَازِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالُوا: وَلَكِنْ لَا يُقِرُّهُمُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُبَيِّنُ لَهُمُ الصَّوَابَ فِيهِ. وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ مِنْ عِتَابِ اللهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي أَخْذِ الْفِدْيَةِ مِنْ أَسَارَى بَدْرٍ، وَالْخَطَأُ هُنَالِكَ أَعْظَمُ مِمَّا هُنَا، فَغَايَةُ مَا فِيهِ هُنَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَزْمُ، وَكَانَ مِنْ لُطْفِ الرَّبِّ اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ، بِرَسُولِهِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، أَنْ أَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ، قَبْلَ بَيَانِهِ لَهُ، وَأَمَّا ذَاكَ فَقَدْ بَدَأَ عِتَابَهُ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَمِلَ بِرَأْيِ جُمْهُورِهِمْ فِي أَخْذِ الْفِدْيَةِ بِقَوْلِهِ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ (8: 67) ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُقْتَضِيًا لِعَذَابٍ أَلِيمٍ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ فَكَانَ مَانِعًا، وَسَنَذْكُرُ فَائِدَةَ أَمْثَالِ هَذَا الِاجْتِهَادِ وَالْخَطَأِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ 47 وَهِيَ قَرِيبَةٌ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ الْبَلَاغَةِ فِي الْآيَةِ نُكْتَةُ الِاخْتِلَافِ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الصَّادِقِينَ وَالْكَاذِبِينَ إِذْ عَبَّرَ عَنِ الْأَوَّلِينَ بِالِاسْمِ الْمَوْصُولِ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي، وَعَنِ الْكَاذِبِينَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ بِقَوْلِهِ: وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ بِأَنْ عَبَّرَ عَنِ الْفَرِيقِ
الْأَوَّلِ بِالْمَوْصُولِ الَّذِي صِلَتُهُ فِعْلٌ دَالٌّ عَلَى الْحُدُوثِ، وَعَنِ الْفَرِيقِ الثَّانِي بَاسِمِ الْفَاعِلِ الْمُفِيدِ لِلدَّوَامِ؛ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنَ الْأَوَّلِينَ صِدْقٌ حَادِثٌ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ غَيْرِ مُصَحِّحٍ لِنُظُمِهِمْ فِي سَلَكِ الصَّادِقِينَ، وَأَنَّ مَا صَدَرَ مِنَ الْآخِرِينَ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا حَادِثًا مُتَعَلِّقًا بِأَمْرٍ خَاصٍّ لَكِنَّهُ أَمْرٌ جَارٍ عَلَى عَادَتِهِمُ الْمُسْتَمِرَّةِ نَاشِئٌ عَنْ رُسُوخِهِمْ فِي الْكَذِبِ، وَالتَّعْبِيرِ عَنْ ظُهُورِ الصِّدْقِ بِالتَّبَيُّنِ، وَعَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْكَذِبِ بِالْعِلْمِ، لِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ، فَظُهُورُ صِدْقِهِ إِنَّمَا هُوَ تَبَيُّنُ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ، وَانْقِطَاعُ احْتِمَالِ نَقِيضِهِ بَعْدَ مَا كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُ احْتِمَالًا عَقْلِيًّا، وَأَمَّا كَذِبُهُ فَأَمْرٌ حَادِثٌ لَا دَلَالَةَ لِلْخَبَرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَكُونَ ظُهُورُهُ تَبَيُّنًا لَهُ بَلْ هُوَ نَقِيضٌ لِمَدْلُولِهِ، فَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يَكُونُ عِلْمًا مُسْتَأْنَفًا، وَإِسْنَادُهُ إِلَى ضَمِيرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا إِلَى الْمَعْلُومِينَ بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ مَعَ إِسْنَادِ التَّبَيُّنِ إِلَى الْأَوَّلِينَ، لِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ هَاهُنَا عِلْمُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهِمْ، وَمُؤَاخَذَتُهُمْ بِمُوجِبِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِينَ؛ حَيْثُ لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِمْ. وَمَنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذَا قَالَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ مِنْ صِدْقٍ فِي عُذْرِهِ مِمَّنْ كَذَبَ فِيهِ. وَإِسْنَادُ التَّبَيُّنِ إِلَى الْأَوَّلِينَ، وَتَعْلِيقُ الْعِلْمِ بِالْآخِرِينَ - مَعَ أَنَّ مَدَارَ الِاسْتِنَادِ وَالتَّعَلُّقِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ هُوَ وَصْفُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ - لِمَا أَنَّ الْمَقْصِدَ هُوَ الْعِلْمُ بِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ، بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهِمَا بِوَصْفَيْهِمَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست