responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 401
قَرِيبَ الْمَكَانِ وَالْمَنَالِ، لَيْسَ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ كَبِيرُ عَنَاءٍ، وَسَفَرًا قَاصِدًا، أَيْ: وَسَطًا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَلَا كَلَالَ لَاتَّبَعُوكَ فِيهِ وَأَسْرَعُوا بِالنَّفْرِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُبَّ الْمَنَافِعِ الْمَادِّيَّةِ وَالرَّغْبَةَ فِيهَا لَاصِقَةٌ بِطَبْعِ الْإِنْسَانِ، وَنَاهِيكَ بِهَا إِذَا كَانَتْ سَهْلَةَ الْمَأْخَذِ قَرِيبَةَ الْمَنَالِ، وَكَانَ الرَّاغِبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْمُوقِنِينَ بِالْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ لِلْمُجَاهِدِينَ كَأُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ الَّتِي دُعُوا إِلَيْهَا وَهِيَ تَبُوكُ - وَالشُّقَّةُ: النَّاحِيَةُ أَوِ الْمَسَافَةُ وَالطَّرِيقُ الَّتِي لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِتَكَبُّدِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ - وَكَبُرَ عَلَيْهِمُ التَّعَرُّضُ لِقِتَالِ الرُّومِ فِي دِيَارِ مُلْكِهِمْ
وَهُمْ أَكْبَرُ دُوَلِ الْأَرْضِ الْحَرْبِيَّةِ، فَتَخَلَّفُوا جُبْنًا وَحُبًّا بِالرَّاحَةِ وَالسَّلَامَةِ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ أَيْ: بَعْدَ رُجُوعِكُمْ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ (9: 95) كَمَا قَالَ: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ (9: 94) قَائِلِينَ: لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ أَيْ: لَوِ اسْتَطَعْنَا الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ بِانْتِفَاءِ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ؛ فَإِنَّنَا لَمْ نَتَخَلَّفْ عَنْكُمْ إِلَّا مُضْطَرِّينَ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بِامْتِهَانِ اسْمِ اللهِ تَعَالَى بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ؛ لِسَتْرِ نِفَاقِهِمْ وَإِخْفَائِهِ، يُؤَيِّدُونَ الْبَاطِلَ بِالْبَاطِلِ، وَيَدْعُمُونَ الْإِجْرَامَ بِالْإِجْرَامِ، أَوْ بِالتَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ الْمُفْضِي إِلَى الْفَضِيحَةِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ سُوءِ الْمُعَامَلَةِ، فَالْجُمْلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِحَالِهِمْ فِي حَلِفِهِمْ أَوْ مَا كَانَ سَبَبًا لَهُ، وَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ النَّجَاةَ فَيَقَعُونَ فِي الْهَلَاكِ: وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ لَوِ اسْتَطَاعُوا الْخُرُوجَ لَخَرَجُوا مَعَكُمْ.
عَفَا اللهُ عَنْكَ الْعَفْوُ: التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ أَوِ التَّقْصِيرِ، وَتَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَيْهِ، وَيُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ. أَيْ عَفَا عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ اجْتِهَادُكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ حِينَ اسْتَأْذَنُوكَ وَكَذَبُوا عَلَيْكَ فِي الِاعْتِذَارِ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ؟ أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ أَذِنْتَ لَهُمْ بِالْقُعُودِ وَالتَّخَلُّفِ كَمَا أَرَادُوا، وَهَلَّا اسْتَأْنَيْتَ وَتَرَيَّثْتَ بِالْإِذْنِ؟ : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي الِاعْتِذَارِ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ فِيهِ، أَيْ: حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فَتُعَامِلَ كُلًّا بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَاذِبِينَ لَا يَخْرُجُونَ سَوَاءً أَذِنْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُمْ، فَكَانَ مُقْتَضَى الْحَزْمِ أَنْ تَتَلَبَّثَ فِي الْإِذْنِ أَوْ تُمْسِكَ عَنْهُ اخْتِبَارًا لَهُمْ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ قَالَ: هُمْ نَاسٌ قَالُوا: اسْتَأْذِنُوا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنْ أَذِنَ لَكُمْ فَاقْعُدُوا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ
لَكُمْ فَاقْعُدُوا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست