responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 375
أَنَّ عَاهِلَ الْأَلَمَانِ الْأَخِيرَ قَالَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْحُكُومَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ لَمَّا زَارَ الْآسِتَانَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ الْكُبْرَى: يَجِبُ عَلَيْكُمْ - وَأَنْتُمْ دَوْلَةُ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ - أَنَّ تُفَسِّرُوا هَذَا الْقُرْآنَ تَفْسِيرًا تَظْهَرُ بِهِ عُلْوِيَّتُهُ كَمَا أَدْرَكَ هَذِهِ الْعُلْوِيَّةَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنْ كُبَرَاءِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِذَكَائِهِ وَدِقَّةِ فَهْمِهِ وَبَلَاغَتِهِ، إِذْ كَانَ مِمَّا قَالَهُ فِيهِ: وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ. وَرَاجِعْ مَا قُلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (33) مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
وَأَمَّا كَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ كَانَتْ لَا مُقَابِلَ وَلَا مُعَارِضَ لَهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ، مِنْ حَيْثُ الْقِيَامِ بِهَا لِتُوصَفَ بِالْوَصْفِ اللَّائِقِ بِهَا وَهُوَ السُّفْلِيَّةُ، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا كَلِمَةُ الشِّرْكِ أَوْ كَلِمَةُ الْحُكْمِ، فَقَدْ كَانَ لِأَهْلِهَا السِّيَادَةُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ حَتَّى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، وَدَنَّسُوا بَيْتَ اللهِ بِأَوْثَانِهِمْ فَأَذَلَّ اللهُ أَهْلَهَا، وَأَزَالَ سِيَادَتَهُمْ بِظُهُورِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ كِفَاحٍ مَعْرُوفٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا تَقْرِيرُهُمْ لِقَتْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ أَيْضًا. وَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ حَصَلَ بِجَعْلِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ، ثُمَّ بِكَسْبِ الْمُؤْمِنِينَ وَجِهَادِهِمْ. وَأَمَّا كَلِمَةُ الْكُفْرِ فِي نَفْسِهَا، وَبِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ تَلَبُّسِ بَعْضِ الشُّعُوبِ أَوِ الْقَبَائِلِ بِهَا، فَلَا حَقِيقَةَ لَهَا. أَعْنِي أَنَّ الشِّرْكَ لَا حَقِيقَةَ لِمَضْمُونِهِ فِي الْوُجُودِ وَإِنَّمَا هُوَ دَعَاوَى لَفْظِيَّةٌ، صَادِرَةٌ عَنْ وَسَاوِسَ شَيْطَانِيَّةٍ خَيَالِيَّةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ (12: 40) وَقَدْ ضَرَبَ اللهُ الْمَثَلَ لِلْكَلِمَتَيْنِ وَأَثَرِهِمَا فِي الْوُجُودِ قَوْلَهُ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ (14: 24 - 27) وَقَدْ خَتَمَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ:
وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الْعَزِيزُ: الْمُمْتَنِعُ الْغَالِبُ، وَاللهُ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ، وَالْحَكِيمُ: الَّذِي يَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَقَدْ نَصَرَ رَسُولَهُ بِعِزَّتِهِ، وَأَظْهَرَ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا بِحِكْمَتِهِ، وَأَذَلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَأَهُ وَنَاوَأَ الْمُتَّقِينَ مِنْ أَمَتِّهِ.
وَإِنَّنَا نُقَفِّي عَلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ بِكَلِمَاتٍ تَزِيدُهَا بَيَانًا، وَتَزِيدُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ إِيمَانًا. وَتَزِيدُ الْمُبْتَدِعِينَ الْمُحَرِّفِينَ لِكَلَامِ اللهِ تَعَالَى خِزْيًا وَخِذْلَانًا، ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ: كَلِمَةٌ فِي خُلَاصَةِ مَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ الْهِجْرَةِ وَصِفَةِ الْغَارِ، وَكَلِمَةٌ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ وَأَخْبَارُ الْهِجْرَةِ مِنْ مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَكَلِمَةٌ فِي دَحْضِ شُبُهَاتِ الرَّوَافِضِ، بَلْ مُفْتَرَيَاتِهِمْ فِي تَشْوِيهِ هَذِهِ الْمَنَاقِبِ، وَتَحْرِيفِ كَلِمَاتِ اللهِ وَأَخْبَارِ الرَّسُولِ عَنْ مَوَاضِعِهَا: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ (27: 14) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست