responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 152
(29: 45) وَآتَوُا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وَلِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَهِيَ الرُّكْنُ الْمَالِيُّ الِاجْتِمَاعِيُّ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا نِظَامُهُ الْعَامُّ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ فَاتْرُكُوا لَهُمْ طَرِيقَ حُرِّيَّتِهِمْ بِالْكَفِّ عَنْ قِتَالِهِمْ إِذَا كَانُوا مُقَاتِلِينَ، وَعَنْ حَصْرِهِمْ إِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ، وَعَنْ رَصْدِ مَسَالِكِهِمْ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يَكُونُونَ مُرَاقَبِينَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَغْفِرُ لَهُمْ مَا سَبَقَ مِنَ الشِّرْكِ وَأَعْمَالِهِ، وَيَرْحَمُهُمْ فِيمَنْ يَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ.
وَالْآيَةُ تُفِيدُ دَلَالَةَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَتُوجِبُ لِمَنْ يُؤَدِّيهِمَا حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَفِظَ دَمِهِ وَمَالِهِ إِلَّا بِمَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ شَرْعُهُ مِنْ جِنَايَةٍ تَقْتَضِي حَدًّا مَعْلُومًا، أَوْ جَرِيمَةٍ تُوجِبُ تَعْزِيرًا أَوْ تَغْرِيمًا.
وَاسْتَدَلَّ بِهَا بَعْضُ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ عَلَى كُفْرِ مَنْ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ، وَيَمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا اشْتَرَطَتْ فِي صِحَّةِ إِسْلَامِ الْمُشْرِكِينَ، وَعِصْمَةِ دِمَائِهِمْ مَجْمُوعَ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ: تَرْكَ الشِّرْكِ، وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ. فَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْإِسْلَامُ الَّذِي يَعْصِمُ دَمَ الْمُشْرِكِ الْمُقَاتِلِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ اللُّغَةِ، وَمِرَاءُ بَعْضِ الْجَدَلِيِّينَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ فِيهِ مَرْدُودٌ لَا قِيمَةَ لَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يَكْفُرُ تَارِكُ الصَّلَاةِ دُونَ مَانِعِ الزَّكَاةِ لِإِمْكَانِ أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْقَهْرِ، وَوُجُوبِ قِتَالِ مَانِعِيهَا كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ.
وَقَدْ عَزَّزُوا هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي مَعْنَاهَا كَحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ وَلَمْ تُذْكَرْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَكِنِ
اشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ يَذْبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، وَالْمُرَادُ لَازِمُهَا وَهُوَ تَرْكُ ذَبَائِحِ الشِّرْكِ، يَعْنِي إِنْ ذَبَحُوا وَجَبَ أَنْ يَذْبَحُوا بِاسْمِ اللهِ دُونَ اسْمِ غَيْرِهِ مِنْ مَعْبُودَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يُهِلُّونَ بِأَسْمَائِهَا عِنْدَ الذَّبْحِ.
وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، بَلْ صَرَّحُوا بِتَوَاتُرِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ وَفِي بَعْضِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى كَلِمَةِ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ، وَمَنْعَ الزَّكَاةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست