responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 232
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ اشْتَكَى إِلَى رَبِّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَا صَبَرَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَمَا بَيَّنَ لِقَوْمِهِ وَوَضَّحَ لَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى الرُّشْدِ وَالسَّبِيلِ الْأَقْوَمِ، فَقَالَ: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا} أَيْ: لَمْ أَتْرُكْ دُعَاءَهُمْ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، امْتِثَالًا لِأَمْرِكَ وَابْتِغَاءً لِطَاعَتِكَ، {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا} أَيْ: كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِيَقْتَرِبُوا مِنَ الْحَقِّ فَروا مِنْهُ وحَادُوا عَنْهُ،. {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} أَيْ: سَدُّوا آذَانَهُمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا مَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ. كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26] .
{وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} قال ابن جريح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَنَكَّرُوا لَهُ لِئَلَّا يَعْرِفَهُمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ: غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا مَا يَقُولُ.
{وَأَصَرُّوا} أَيْ: اسْتَمَرُّوا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ [1] مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ الْعَظِيمِ الْفَظِيعِ، {وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} أَيْ: وَاسْتَنْكَفُوا عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادِ لَهُ.
{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} أَيْ: جَهْرَةً بَيْنَ النَّاسِ.
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ} أَيْ: كَلَامًا ظَاهِرًا بِصَوْتٍ عَالٍ، {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} أَيْ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، عَلَيْهِمُ الدَّعْوَةَ لِتَكُونَ أَنْجَعَ فِيهِمْ.
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} أَيِ: ارْجِعُوا إِلَيْهِ وَارْجِعُوا عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ، فَإِنَّهُ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ [2] مَهْمَا كَانَتْ فِي الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ. وَلِهَذَا قَالَ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} أَيْ: مُتَوَاصِلَةَ الْأَمْطَارِ. وَلِهَذَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ هَذِهِ السُّورَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ لِيَسْتَسْقِيَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الاستغفار، وقرأ الآيات في الاستغفار. ومنها

[1] في م: "ما هم عليه".
[2] في أ: "ولو كان ذنبه".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست