responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 171
الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ، {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا، {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أَيْ: فِي الْآخِرَةِ [1] .
ثُمَّ قَالَ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أَيْ: فِي مُخَالَطَتِهِمُ الْمُسْلِمِينَ وَمُعَاشَرَتِهِمْ لَهُمْ، أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْدِي عَنْهُمْ شَيْئًا وَلَا يَنْفَعُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ حَاصِلًا فِي قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَثَلَ فَقَالَ: {اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} أَيْ: نَبِيَّيْنِ رَسُولَيْنِ عِنْدَهُمَا فِي صُحْبَتِهَا [2] لَيْلًا وَنَهَارًا يُؤَاكِلَانِهِمَا وَيُضَاجِعَانِهِمَا وَيُعَاشِرَانِهِمَا أَشَدَّ الْعِشْرَةِ وَالِاخْتِلَاطِ {فَخَانَتَاهُمَا} أَيْ: فِي الْإِيمَانِ، لَمْ يُوَافِقَاهُمَا عَلَى الْإِيمَانِ، وَلَا صَدَّقَاهُمَا فِي الرِّسَالَةِ، فَلَمْ يُجْد ذَلِكَ كلَه شَيْئًا، وَلَا دَفَعَ عَنْهُمَا مَحْذُورًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أَيْ: لِكُفْرِهِمَا، {وَقِيلَ} أَيْ: لِلْمَرْأَتَيْنِ: {ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} وَلَيْسَ الْمُرَادُ: {فَخَانَتَاهُمَا} فِي فَاحِشَةٍ، بَلْ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ نِسَاءَ الْأَنْبِيَاءِ معصوماتٌ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْفَاحِشَةِ؛ لِحُرْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ النُّورِ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {فَخَانَتَاهُمَا} قَالَ: مَا زَنَتَا، أَمَّا امْرَأَةُ نُوحٍ فَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، وَأَمَّا خِيَانَةُ امْرَأَةِ لُوطٍ فَكَانَتْ تَدُلُّ قَوْمَهَا عَلَى أَضْيَافِهِ.
وَقَالَ العَوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ خِيَانَتُهُمَا أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى عَورتيهما فَكَانَتِ امْرَأَةُ نُوح تَطَلع عَلَى سِرِّ نُوح، فَإِذَا آمَنَ مَعَ نُوحٍ أَحَدٌ أَخْبَرَتِ الْجَبَابِرَةَ مَنْ قَوْمِ نُوحٍ بِهِ، وَأَمَّا امْرَأَةُ لُوطٍ فَكَانَتْ إِذَا أَضَافَ لُوطٌ أَحَدًا أَخْبَرَتْ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ يَعْمَلُ السُّوءَ.
وَهَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ.
[وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، إِنَّمَا كَانَتْ خِيَانَتُهُمَا فِي الدِّينِ] [3] .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بعضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِي يأثرُه كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: مَنْ أَكَلَ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ غُفِرَ لَهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ قُلْتَ: مَنْ أَكَلَ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ غُفِرَ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنِّي الْآنَ أَقُولُهُ" [4] .
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) }

[1] في م: " في الأخرى".
[2] في م: "في صحبتاهما".
[3] زيادة من م.
[4] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا ليس له إسناد عند أهل العلم ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سنان، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون" أ. هـ نقله الألباني في الضعيفة (1/326) وذكره الإمام ابن القيم في المنار المنيف (ص 140) وقال: "موضوع، وغاية ما روي فيه أنه منام رآه بعض الناس".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست