responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 172
وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ لَا تَضُرُّهُمْ مُخَالَطَةُ الْكَافِرِينَ إِذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آلِ عِمْرَانَ: 28] .
قَالَ: قَتَادَةُ كَانَ فِرْعَوْنُ أَعْتَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَبْعَدَهُ فَوَاللَّهِ مَا ضَرَّ امْرَأَتَهُ كُفر زَوْجِهَا حِينَ أَطَاعَتْ رَبَّهَا لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ، لَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا إِلَّا بِذَنْبِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الأبُليّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ [1] عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تُعَذَّب فِي الشَّمْسِ، فَإِذَا انْصَرَفَ عَنْهَا أَظَلَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَكَانَتْ تَرَى بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ.
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، بِهِ [2] .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائي، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّة قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْأَلُ: مَنْ غَلَبَ؟ فَيُقَالُ: غَلَبَ مُوسَى وَهَارُونُ. فَتَقُولُ: آمَنْتُ بِرَبِّ موسى وهارون، فأرسل إليها فرعون فقالت: انْظُرُوا أَعْظَمَ صَخْرَةٍ تَجِدُونَهَا، فَإِنْ مَضَتْ عَلَى قَوْلِهَا فَأَلْقُوهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا أَتَوْهَا رَفَعَتْ بَصَرَهَا إِلَى السَّمَاءِ فَأَبْصَرَتْ بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ، فَمَضَتْ عَلَى قَوْلِهَا، وَانْتُزِعَ رُوحُهَا، وَأُلْقِيَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى جَسَدٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ [3] .
فَقَوْلُهَا: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} قَالَ الْعُلَمَاءُ: اخْتَارَتِ الْجَارَ قَبْلَ الدَّارِ. وَقَدْ وَرَدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ، {وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ} أَيْ: خَلِّصْنِي مِنْهُ، فَإِنِّي أَبْرَأُ [إِلَيْكَ] [4] مِنْ عَمَلِهِ، {وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كَانَ إيمانُ امْرَأَةِ فرعونَ مِنْ قَبْلِ إِيمَانِ امْرَأَةِ خَازِنِ فِرْعَوْنَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا جَلَسَتْ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ، فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ تَعِسَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ؟ فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: وَلَكِ رَبٌّ غَيْرُ أَبِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ اللهُ. فَلَطَمَتْهَا بنتُ فرعونَ وَضَرَبَتْهَا، وَأَخْبَرْتَ أَبَاهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فِرْعَوْنُ فَقَالَ: تَعْبُدِينَ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكَ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ اللَّهُ. وَإِيَّاهُ أَعْبُدُ فَعَذَّبَهَا فِرْعَوْنُ وَأَوْتَدَ لَهَا أَوْتَادًا فَشَدَّ رِجْلَيْهَا وَيَدَيْهَا وَأَرْسَلَ عَلَيْهَا الْحَيَّاتِ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ، فَأَتَى عَلَيْهَا يَوْمًا فَقَالَ لَهَا: مَا أَنْتِ مُنْتَهِيَةٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ: رَبِّي وَرَبُّكَ وربُ كُلِّ شَيْءٍ اللَّهُ. فَقَالَ لَهَا: إِنِّي ذَابِحٌ ابْنَكِ فِي فِيكِ إِنْ لَمْ تَفْعَلِي. فَقَالَتْ لَهُ: اقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ. فَذَبَحَ ابْنَهَا فِي فِيهَا، وَإِنَّ رُوحَ ابْنِهَا بَشَّرَهَا، فَقَالَ لَهَا: أَبْشِرِي يَا أُمَّهْ، فَإِنَّ لَكِ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ كَذَا وَكَذَا. فَصَبَرَتْ ثُمَّ أَتَى [عَلَيْهَا] [5] فرعون يومًا آخر فقال لها

[1] في أ: "الترمذي".
[2] تفسير الطبري (28/110) .
[3] تفسير الطبري (28/110) .
[4] زيادة من م، أ.
[5] زيادة من م.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست