responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 404
وَاخْتُلِفَ فِي تَفْضِيلِهَا عَلَى عَائِشَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، ثَالِثُهَا الْوَقْفُ.
وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْهُمَا فَقَالَ: اخْتُصَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِخَاصِّيَّةٍ، فَخَدِيجَةُ كَانَ تَأْثِيرُهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تُسلِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُثَبِّتُهُ، وَتُسَكِّنُهُ، وَتَبْذُلُ دُونَهُ مَالَهَا، فَأَدْرَكَتْ غُرة الْإِسْلَامِ، وَاحْتَمَلَتِ الْأَذَى فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ وَكَانَ نُصْرَتُهَا لِلرَّسُولِ فِي أَعْظَمِ أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ، فَلَهَا مِنَ النُّصْرَةِ وَالْبَذْلِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا. وَعَائِشَةُ تَأْثِيرُهَا فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ، فَلَهَا مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَتَبْلِيغِهِ إِلَى الْأُمَّةِ، وَانْتِفَاعِ بَنِيهَا بِمَا أدَّت إِلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ، مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ، بَعَثَ إِلَيْهَا السَّلَامَ مَعَ جِبْرِيلَ، فَبَلَّغَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ. رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ، قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شراب، فإذا هي أتتك فأقرأها السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ، مِنْ قَصَب، لَا صَخَب فِيهِ وَلَا نَصَب [1] وَهَذِهِ لعَمْر اللَّهِ خَاصَّةٌ، لَمْ تَكُنْ لِسِوَاهَا. وَأَمَّا عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَإِنَّ جِبْرِيلَ سلَّم عَلَيْهَا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: "يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ". فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] . وَمَنْ خَوَاصِّ خديجة، رضي الله عنها: أنه لم تسوءه قَطُّ، وَلَمْ تُغَاضِبْهُ، وَلَمْ يَنَلْهَا مِنْهُ إِيلَاءٌ، وَلَا عُتْبٌ قَطُّ، وَلَا هَجْرٌ، وَكَفَى بِهَذِهِ مَنْقَبَةٌ وَفَضِيلَةٌ.
وَمِنْ خَوَاصِّهَا: أَنَّهَا أَوَّلُ امْرَأَةٍ آمَنَتْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
فَصْلٌ:
فلمَّا تَوَفَّاهَا اللَّهُ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهِيَ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَبُرَتْ عِنْدَهُ، وَأَرَادَ طَلَاقَهَا فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، فَأَمْسَكَهَا. وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّهَا: أَنَّهَا آثَرَتْ بِيَوْمِهَا حُبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَرُّبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحُبًّا لَهُ، وَإِيثَارًا لِمَقَامِهَا مَعَهُ، فَكَانَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ، وَيَقْسِمُ لِنِسَائِهِ، وَلَا يَقْسِمُ لَهَا وَهِيَ رَاضِيَةٌ بِذَلِكَ مُؤْثِرَةٌ، لِتُرْضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَتَزَوَّجَ الصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَقِيلَ: بِثَلَاثٍ، وَبَنَى بِهَا بِالْمَدِينَةِ أَوَّلَ مَقْدَمِهِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ، وَأَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّهَا كَانَتْ أَحَبَّ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ". قِيلَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا" [3] .
وَمِنْ خَصَائِصِهَا أَيْضًا: أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا، وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّهُ كان ينزل عليه الوحي وهو

[1] صحيح البخاري برقم (3820) .
[2] صحيح البخاري برقم (3768) .
[3] لم أقف عليه في صحيح البخاري. وهو في سنن الترمذي برقم (3879) من حديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست