نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 362
وتقول:» ما تَضْرب زَيْداً «، تريد: أيَّ ضربٍ تضربه، قال الزمخشريُّ:» أتى به فعلاً ماضياً؛ لأنَّه واقعٌ لا محالة، فكأنَّهُ قد وقع وانقضى «. وهذا لا يستقيم هنا؛ لأنَّه صار نصّاً في الاستقبال لعمله في الظرف المستقبل، وهو يومُ القيامة، وإن كان بلفظ الماضي، ثم قال: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} بإعطاء العقل، وإرسال الرُّسُل، {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} لا يستعملُون العقل في تأمل دلائل الله، ولا يقبلون دعوة أنبياءِ الله، ولا ينتفعُون باستماع كلام الله.
قوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} الآية.
لمَّا أورد الدلائل على فساد مذاهب الكُفَّار، وأمر الرسول بالجواب عن شبهاتهم، وتحمُّل أذاهُم، والرِّفْقِ بهم، ذكر هذا الكلام ليحصل به تمامُ السُّرور للمُطيعين، وتمامُ الخوف للمذنبين، وهو كونه تعالى عالماً بعمل كل واحدٍ، وما في قلبه من الدَّواعي والصَّوارف.
قوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ} «ما» نافية في الموضعين؛ ولذلك عطف بإعادة «ما» النَّافية، وأوجب ب «إلا» بعد الأفعال؛ لكونها منفيةٌ، و «فِي شَأنٍ» خبر «تكُون» والضميرُ في «منه» عائدٌ على «شأن» و «مِن قُرآنٍ» تفسيرٌ للضَّمير، وخُصَّ من العموم؛ لأنَّ القرآنَ هو أعظمُ شئونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ وقيل: يعود على التنزيل، وفُسِّر بالقرآن؛ لأنَّ كلَّ جزء منه قرآن، وقال أبو البقاء: «من الشَّأن» أي: مِنْ أجْلِهِ، و «مِنْ قُرآن» مفعول «تَتْلُوا» و «مِنْ» زائدةٌ. يعنى: أنَّها زيدتْ في المفعول به، و «مِنْ» الأولى جارَّةٌ للمفعول من أجله، تقديره: وما تتلُو من أجل الشَّأنِ قُرآناً، وزيدَتْ لأنَّ الكلامَ غير موجبٍ، والمجرور نكرةٌ.
وقال مكِّي: «منه» الهاء عند الفرَّاء تعُود على الشَّأن على تقدير حذف مضافٍ، تقديره: وما تتلو من أجْلِ الشَّأنِ، أي: يحدثُ لك شأنٌ، فتتلُوا القرآن من أجله.
والشَّأنُ: مصدر شَأنَ يَشْأنُ شأنَهُ، أي: قصد يَقْصِدُ قَصْدَهُ، وأصله الهمز، ويجوز تخفيفه، والشأن أيضاً: الأمرُ، ويجمعُ على شئون، والشأنُ: الحال، تقول العرب: ما شأن فلان؟ أي: ما حاله، قال الأخفش: وتقول العرب: ما شأنْتُ شأنهُ، أي: ما عملت
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 362