لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ عمدت الى عقال اسود والى عقال ابيض فجعلتهما تحت وسادتى فجعلت انظر في الليل فلا يستبين لى فغدوت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال انما ذلك سواد الليل وبياض النهار- متفق عليه وفي رواية- انك لعريض القفا انما ذلك بياض النهار وسواد الليل- وعن سهل بن سعد قال أنزلت كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ولم ينزل قوله من الفجر وكان الرجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رويتهما فانزل الله تعالى بعد قوله من الفجر فعلموا انه يعنى بهما الليل والنهار متفق عليه- فان قيل حديث سهل بن سعد يدل على ان نزول قوله تعالى من الفجر كان متاخر او متراخيا عما سبق ويلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة وذلك غير جائز قلت استعمال الخيط الأبيض والأسود في سواد الليل وبياض النهار كان مشتهرا ظاهر الدلالة غير واجب البيان وان خفى على البعض لقلة تدبرهم فهو من باب المشكل الذي خفى مراده من جهة الصيغة باستعمال تجوز او غير ذلك بحيث يدرك المراد بالتأمل والطلب ونزول قوله تعالى من الفجر انما هو للاحتياط وحفظ القاصرين وإغناء السامعين عن الطلب والتأمل ولم يكن من باب المجمل الذي لا يتصور درك مرامه الا من جهة الشارع فلا محذور فى تراخى نزوله- ولو سلمنا انه من باب المجمل فلعل بيانه صدر من الشارع في الوحى الغير المتلو وثبت بالسنة كما يدل عليه حديث عدى بن حاتم ثم نزل قوله من الفجر لتأئيد ما ثبت بالسنة وتأكيده- وقال الطحاوي انه من باب النسخ وان الحكم كان على ظاهر المفهوم من الخيطين ويؤيد قول الطحاوي حديث حذيفة تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والله النهار غير ان الشمس لم تطلع رواه سعيد بن منصور وكذا عند الطحاوي- فلعل تسحر حذيفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول قوله تعالى- من الفجر- فان قيل قوله من الفجر غير مستقل والناسخ انما يكون كلاما مستقلا فكيف يتصور كونه ناسخا- وعلى تقدير كونه متراخيا لا يتصور كونه من باب القصر لغير المستقل لان من ضروراته الاتصال فكيف التوجيه- قلت التوجيه عندى انه نزل اولا تمام الاية من غير تقييد بقوله من الفجر ثم بعد مدة نزل الاية مرة ثانية مع قوله تعالى من الفجر فنسخت الاية الاولى حكما وتلاوة والله اعلم (فائدة) حديث عدى بن حاتم انما كان بعد نزول قوله تعالى من الفجر- البتة لان إسلامه في السنة التاسع وكان نزول اية الصيام في السنة الثانية ونزول قوله تعالى