كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ اى تخونونها وتظلمونها بالمجامعة بعد العشاء او بعد النوم بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب- والاختيان ابلغ من الخيانة فَتابَ عَلَيْكُمْ لما تبتم وَعَفا عَنْكُمْ محا ذنوبكم فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ جامعوهن حلالا كنى بالمباشرة عن الجماع وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ من الولد تدل الاية على انه ان جامع رجل امرأته ينبغى ان يريد به الولد دون قضاء الشهوة فحسب حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجوا الودود الولود فانى مكاثر بكم الأمم رواه ابو داود والنسائي عن معقل بن يسار- وعلى ان العزل مكروه وعلى ان اباحة الجماع مقتصر على محل الولد- قال البغوي قال معاذ بن جبل ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ يعنى ليلة القدر قلت وهذا بعيد من السياق وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ يعنى بياض النهار من سواد الليل- سميا خيطين لان كل واحد منهما إذا بدا في الابتداء امتد جنوبا وشمالا كالخيط- وقوله من الفجر حال من الخيط الأبيض بيان له- ولم يبين الخيط الأسود لظهوره بظهور الخيط الأبيض- ومن للبيان او للتبعيض اى كائنا الفجر او كائنا بعض الفجر- ولم يقل حتى يتبين لكم الفجر دلالة على حرمة الاكل عند ظهور خيطه يعنى أول جزء منه- ولم يقل حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر بلا ذكر الخيط الأسود ليدل على ان المراد بالفجر هو الفجر الصادق لانه خيط ابيض معترض جنوبا وشمالا يلاصقه خيط اسود معترض في الجانب الغربي هو طرف لسواد الليل بخلاف الفجر الكاذب فانه خيط ابيض مستطيل شرقا وغربا يحيط به السواد من الجوانب كلها ويحتمل ان يكون قوله من الفجر بيانا لمجموع الخيطين فان في الفجر سوادا وبياضا وهذا اولى حيث لا يلزم حينئذ الفصل بين الحال وصاحبه بالاجنبى والله اعلم- عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق- رواه الترمذي وعن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان بلالا ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم [1] رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له أصبحت أصبحت- فان قيل قد صح عن على رضى الله عنه انه صلى الصبح ثم قال الان يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود- رواه ابن المنذر بإسناد صحيح وكذا روى ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابى بكر الصديق انه قال لولا الشهوة لصليت الغداة ثم لتسحرت- وروى ابن المنذر وابن ابى شيبة من طريق عن ابى بكر انه امر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر- فهذه الآثار تدل على جواز الاكل بعد انتشار الصبح فما وجه هذه الأقوال- قلت والله اعلم لعل وجه هذه الأقوال ان أبا بكر و [2] عليّا رضى الله عنهما زعما ان من للسببية والخيط في معناه الحقيقي- لكن ثبت بالسنة ان من للبيان والمراد بالخيط الأبيض هو الصبح وعلى ذلك انعقد الإجماع عن عدى بن حاتم قال لما نزلت حَتَّى يَتَبَيَّنَ [1] فى اصل حتى ينادى ابن أم مكتوم رجلا أعمى [2] فى الأصل وعلىّ-[.....]