تصريف وجودها كيف يشاء، إذ كان كل موجود- أيّا كان سلطانه، وأيّا كانت قوته- عاجزا عن أن يملك لنفسه نفعا، أو ضرا.
وقوله سبحانه: «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» إشارة أنه سبحانه لطيف لا يرى، إذ لو رؤى لتحدّد، ولو تحدّد لتجسّم، ولو تجسّم لكان مركبا، ولو كان مركبا لكان مخلوقا..
سئل الإمام علىّ: هل رأيت ربّك؟ فقال: «نور أنّى أراه؟» أي هو نور يملأ الوجود، ترى فى نور أنواره الموجودات.. أما النور فلا تمسك به عين، ولا يحدّه نظر.. فكيف يرى هذا النور؟
أما الله سبحانه وتعالى، فهو يرى كل موجود، ويبصر كل مبصر، فهو سبحانه يملأ عين المبصرين بنوره، ولكنهم لا يبصرونه.. «وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» الذي جلّ بلطفه عن أن يرى، وعلا بعلمه أن يغيب شىء عنه..
الآيات: (104- 107) [سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 107]
قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)
التفسير: البصائر: جمع بصيرة، والبصيرة الآية التي يتكشف للناظرين فيها عبرة وعظة، ويقع لهم من الوقوف إزاءها علم ومعرفة..