صاحِبَةٌ»
هو ردّ على هذا الافتراء الذي افتراه المشركون على الله، بنسبة الولد إليه.. إذ كيف يكون له ولد، وهو سبحانه الخالق لكل شىء، مبدع السموات والأرض وما فيهن، أوجدهما من عدم، على غير مثال سبق..؟ فكيف يصح فى عقل ذى عقل أن يتخذ الله ولدا، والولد إنما يطلبه الوالد ليكون سندا له، وامتدادا لحياته من بعده..؟ والله سبحانه وتعالى قوىّ لا يحتاج إلى سند، حىّ حياة أبدية سرمدية لا تنقطع.. فما الداعي لطلب الولد؟ وما الحاجة إليه؟ .. ثم كيف يكون له سبحانه ولد، ولم تكن له صاحبة- أي زوج-؟
ولو كانت له صاحبة لكانت إلهة مثله.. إذ أن التوالد لا يكون إلا بين المتماثلين.. والله- سبحانه- منزّه عن المثل والشبيه! وقوله تعالى: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» تقرير لهذا الحكم، وتوكيد له.. إذ أن الخالق لكل شىء، لا يناسبه ولا يماثله شىء من مخلوقاته، وإذن فلا يكون له من تلك المخلوقات صاحبة ولا ولد..
وقوله سبحانه: «ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ» الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى هنا إشارة إلى المعبود الذي ينبغى أن تتجه إليه وجوه العابدين جميعا، فهو ربّهم الذي أوجدهم من عدم، وأمسك عليهم وجودهم بمقدرته، وأفضاله عليهم، وليس إله غيره كان له هذا الأثر فيهم، فهو خالقهم، وخالق كل شىء عبدوه.
أو لم يعبدوه.. فهو المستحق لأن يمجّد وأن يحمد، ويعبد.. وهو سبحانه قائم على كل شىء وكيل على ما يجرى فى ملكه، وما يقع من مخلوقاته، من استقامة أو انحراف، ومن ولاء له، أو كفر به.. وسيجزى كلّ حسب عمله.
ووكالة الله سبحانه على هذا الوجود ليست كوكالة الوكيل عن الأصيل، وإنما هو وكيل عن هذه المخلوقات كلها، حيث وكلت إليه أمرها، وفوّضت إليه