بينهم وبين زوجاتهن صلة ممتدة إلى ما بعد الموت أيضا، ولكنها فى هذه المرة محمولة على الرجال، كما حمل الحكم فى الآية السابقة (234) على النساء، وهو أن يتربصن أربعة أشهر وعشرة أيام، حدادا على أزواجهن.
والحكم المحمول على الرجال هنا هو أن يكون للمرأة المقام فى بيت الزوجية مكفولة النفقة عاما كاملا بعد وفاة الزوج، لا يعرض لها أحد بإزعاج من بيت الزوجية، مادامت راغبة فى السكن إليه.
وفى قوله تعالى: «وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ» إشارة إلى أن هذه الوصية مفروضة بأمر الله، سواء أوصى بها الزوج قبل وفاته أم لم يوص، وعلى هذا نصب لفظ الوصية بهذا الأمر، على تقدير: فرضنا «وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ، مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ، غَيْرَ إِخْراجٍ» «ومتاعا» بدل من «وصية» و «غير إخراج» صفة لمتاع.
النفقة للمتوفّى عنها، زوجها
وللمفسرين رأى فى هذه الآية، وأنها منسوخة بآية المواريث، وما فرض للزوجة فيها من فريضة الربع أو الثمن.
ونقول- والله أعلم-: إنه لا نسخ فى هذه الآية الكريمة، ولا تعطيل لحكمها، وحكمتها! ونسأل: لماذا هذا النسخ وما حكمته؟ ولماذا يحمل القرآن الكريم آية كريمة، متلوة، متعبدا بها، وتحمل حكما صريحا مؤكدا موثقا. ثم تجىء آية أخرى بحكم آخر يعطل هذا الحكم، ويبقيه هكذا، يعلن فى وجه المرأة سلب حكم كان فيه خيرا لها وبرّا بها؟ أهذا مما تقتضيه حكمة الحكيم العليم، فى حال كحال تلك المرأة التي ذهب عنها زوجها، وتركها تعانى الوحدة والوحشة، وربما الفاقة،