responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 205
وَقَوْلِ أُنَيْفِ بْنِ زَبَّانَ النَّبْهَانِيِّ:
فَلَمَّا الْتَقَيْنَا بَيَّنَ السَّيْفُ بَيْنَنَا ... لِسَائِلَةٍ عَنَّا حَفِيٌّ سُؤَالُهَا
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مَنْ أَحْفَاهُ إِذَا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ، فَيَكُونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى مُفْعِلٍ
مِثْلِ حَكِيمٍ، أَيْ كَأَنَّكَ مُلِحٌّ فِي السُّؤَالِ عَنْهَا، أَيْ مُلِحٌّ عَلَى اللَّهِ فِي سُؤَالِ تَعْيِينِ وَقْتِ السَّاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [مُحَمَّد: 37] .
وَقَوْلُهُ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ فِي قَوْله: يَسْئَلُونَكَ مُعْتَرضَة بَين يَسْئَلُونَكَ وَمُتَعَلِّقِهِ.
وَيَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ: عَنْها عَلَى الْوَجْهَيْنِ بِكُل من يَسْئَلُونَكَ- وحَفِيٌّ عَلَى نَحْوٍ مَنِ التَّنَازُعِ فِي التَّعْلِيقِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَفِيٌّ مُشْتَقًّا مِنْ حَفِيٍّ بِهِ، كَرَضِيٍّ بِمَعْنَى بَالَغَ فِي الْإِكْرَامِ، فَيَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي صَرِيحِ مَعْنَاهُ، وَالتَّقْدِيرُ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ أَيْ مُكْرِمٌ لَهُمْ وَمُلَاطِفٌ فَيَكُونُ تَهَكُّمًا بِالْمُشْرِكِينَ، أَيْ يُظْهِرُونَ لَكَ أَنَّكَ كَذَلِكَ لِيَسْتَنْزِلُوكَ لِلْخَوْضِ مَعَهُمْ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ السَّاعَةِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَأَنَّكَ صَدِيقٌ لَهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِمُحَمَّدٍ: إِنَّ بَيْنَنَا قُرَابَةً فَأَسِرَّ إِلَيْنَا مَتَى السَّاعَةُ فَقَالَ الله تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَتَعَلَّقُ عَنْها ب يَسْئَلُونَكَ وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ حَفِيٌّ لِظُهُورِهِ.
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ تَأْخِيرَ عَنْها لِلْإِيفَاءِ بِهَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ.
وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَعَلَّقُ هِمَّتُهُ بِتَعْيِينِ وَقْتِ السَّاعَةِ، إِذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَوِ اهْتَمَّ بِذَلِكَ لَكَانَ فِي اهْتِمَامِهِ تَطَلُّبًا لِإِبْطَالِ الْحِكْمَةِ فِي إِخْفَائِهَا، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ انْتِفَاءَ عِلْمِهِ بِوَقْتِهَا لَا يُنَافِي كَرَامَتَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ كَمَالًا نَفْسِيًّا يَصْرِفُهُ عَنْ تَطَلُّبِ ذَلِكَ، وَلَوْ تَطَلَّبَهُ لَأَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ، كَمَا صَرَفَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى كَرَاهَةِ الْمَوْتِ حِينَ حَلَّ أَجَلُهُ كَيْلَا يَنْزِعَ رُوحَهُ وَهُوَ كَارِهٌ، وَهَذِهِ سَرَائِرُ عَالِيَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ.
وَأُكِّدَتْ جُمْلَةُ الْجَوَابِ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ تَأْكِيدًا لِمَعْنَاهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست