responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 64
وَالْإِعْجَابُ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ [55] .
وَفِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ» قَالَ: «وَكُنْتُ بَحَثْتُ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقُلْتُ لَهُ: هَذِهِ تَدُلُّ
عَلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِأَمْرٍ وَشَهِدَ عَشَرَةُ عُدُولٍ بِضِدِّهِ، فَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْعَدْلَيْنِ، وَهُمَا مُتَكَامِلَانِ. وَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ آخَرُ بِالتَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ. فَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَثْرَةَ لَهَا اعْتِبَارٌ بِحَيْثُ إِنَّهَا مَا أُسْقِطَتْ هُنَا إِلَّا لِلْخُبْثِ، وَلَمْ يُوَافِقْنِي عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِوَجْهٍ. ثُمَّ وَجَدْتُ ابْنَ الْمُنِيرِ ذَكَرَهُ بِعَيْنِهِ» اه.
وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَعْجَبَكَ وَاوُ الْحَالِ، ولَوْ اتِّصَالِيَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُمَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [91] .
وَتَفْرِيعُ قَوْلِهِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبابِ عَلَى ذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا إِعْمَالَ النَّظَرِ فِي تَمْيِيزِ الْخَبِيثِ مِنَ الطَّيِّبِ، وَالْبَحْثَ عَنِ الْحَقَائِقِ، وَعَدَمَ الِاغْتِرَارِ بِالْمَظَاهِرِ الْخَلَّابَةِ الْكَاذِبَةِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّقْوَى يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِالنَّظَرِ فِي تَمْيِيزِ الْأَفْعَالِ حَتَّى يُعْرَفَ مَا هُوَ تَقْوَى دُونَ غَيْرِهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ اسْتِدْلَالُ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16] ، لِأَنَّ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الِاسْتِطَاعَةِ الِاجْتِهَادَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَأَهِّلِ إِلَيْهِ الثَّابِتِ لَهُ اكْتِسَابُ أَدَاتِهِ. وَلِذَلِكَ قَالَ هُنَا: يَا أُولِي الْأَلْبابِ فَخَاطَبَ النَّاس بِصفة ليؤمىء إِلَى أَنَّ خَلْقَ الْعُقُولِ فِيهِمْ يُمَكِّنُهُمْ مِنَ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَبِيثِ وَالطَّيِّبِ لِاتِّبَاعِ الطَّيِّبِ وَنَبْذِ الْخَبِيثِ. وَمِنْ أَهَمِّ مَا يَظْهَرُ فِيهِ امْتِثَالُ هَذَا الْأَمْرِ النَّظَرُ فِي دَلَائِلَ صِدْقِ دَعْوَى الرَّسُولِ وَأَنْ لَا يَحْتَاجَ فِي ذَلِكَ إِلَى تَطَلُّبِ الْآيَاتِ وَالْخَوَارِقَ كَحَالِ الَّذِينَ حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الْإِسْرَاء: 90] الْآيَةَ، وَأَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ حَالِ الرَّسُولِ وَحَالِ السَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَإِنْ كَانَ عَدَدُهُمْ كَثِيرًا.
وَقَوْلُهُ: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تَقْرِيبٌ لِحُصُولِ الْفَلَاحِ بِهِمْ إِذَا اتَّقَوْا هَذِهِ التَّقْوَى الَّتِي مِنْهَا تَمْيِيزُ الْخَبِيثِ مِنَ الطَّيِّبِ وَعَدَمُ الِاغْتِرَارِ بِكَثْرَةِ الْخَبِيثِ وَقِلَّةِ الطَّيِّبِ فِي هَذَا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست