responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 46
وَالضَّمِيرَانِ فِي قَوْلِهِ: مِنْ أَهْلِهِ- ومِنْ أَهْلِها عَائِدَانِ عَلَى مَفْهُومَيْنِ مِنَ الْكَلَامِ:
وَهُمَا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ، وَاشْتُرِطَ فِي الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ وَالْآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ لِيَكُونَا أَعْلَمَ بِدَخْلِيَّةِ أَمْرِهِمَا وَأَبْصَرَ فِي شَأْنِ مَا يُرْجَى مِنْ حَالِهِمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الصِّفَاتُ الَّتِي تُخَوِّلُهُمَا الْحُكْمَ فِي الْخِلَافِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. قَالَ ملك: إِذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا فَيُبْعَثُ مِنَ الْأَجَانِبِ، قَالَ ابْنُ الْفُرْسِ: «فَإِذَا بَعَثَ الْحَاكِمُ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُنْتَقَضُ الْحُكْمُ لِمُخَالَفَةِ النَّصِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَاضٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِمَا» . قُلْتُ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا مُسْتَحَبٌّ فَلَوْ بُعِثَا مِنَ الْأَجَانِبِ مَعَ وُجُودِ الْأَقَارِبِ صَحَّ.
وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ عِنْدَ نِزَاعِ الزَّوْجَيْنِ النِّزَاعَ الْمُسْتَمِرَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالشِّقَاقِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْبَاعِثَ هُوَ الْحَاكِمُ وَوَلِيُّ الْأَمْرِ، لَا الزَّوْجَانِ، لأنّ فعل فَابْعَثُوا مُؤْذِنٌ بِتَوْجِيهِهِمَا إِلَى الزَّوْجَيْنِ، فَلَوْ كَانَا مُعَيَّنَيْنِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لَمَا كَانَ لِفِعْلِ الْبَعْثِ مَعْنًى.
وَصَرِيحُ الْآيَةِ: أَنَّ الْمَبْعُوثَيْنِ حَكَمَانِ لَا وَكِيلَانِ، وَبِذَلِك قَالَ أئمّة الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَعَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَمَا قَضَى بِهِ الْحَكَمَانِ مِنْ فُرْقَةٍ أَوْ بَقَاءٍ أَوْ مُخَالَعَةٍ يَمْضِي، وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجَيْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى التَّحْكِيمِ، نَعَمْ لَا يَمْنَعُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ الزَّوْجَانِ رَجُلَيْنِ عَلَى النَّظَرِ فِي شُؤُونِهِمَا، وَلَا مِنْ أَنْ يُحَكِّمَا حَكَمَيْنِ عَلَى نَحْوِ تَحْكِيمِ الْقَاضِي.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ رَبِيعَةُ فَقَالَ: لَا يَحْكُمُ إِلَّا الْقَاضِي دُونَ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ حُكْمِهِمَا
وَشُرُوطِهِ تَفْصِيلٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَتَأَوَّلَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بَعْثُ حَكَمَيْنِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَتَعْيِينُ وَسَائِلِ الزَّجْرِ لِلظَّالِمِ مِنْهُمَا، كَقَطْعِ النَّفَقَةِ عَنِ الْمَرْأَةِ مُدَّةً حَتَّى يَصْلُحَ حَالُهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ التَّطْلِيقُ إِلَّا بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ، فَيَصِيرَانِ وَكِيلَيْنِ، وَبِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، فَيُرِيدُ أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ الَّذِي يُقِيمُهُ الْقَاضِي عَنِ الْغَائِبِ. وَهَذَا صَرْفٌ لِلَفْظِ الْحَكَمَيْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ، فَهُوَ مِنَ التَّأْوِيلِ. وَالْبَاعِثُ عَلَى تَأْوِيلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ التَّطْلِيقَ بِيَدِ الزَّوْجِ، فَلَوْ رَأَى الْحَكَمَانِ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَارِهٌ كَانَ ذَلِكَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست