responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 45
وَالْمُخَاطَبُ هُنَا وُلَاةُ الْأُمُورِ لَا مَحَالَةَ، وَذَلِكَ يُرَجِّحُ أَنْ يَكُونُوا هُمُ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
وَالشِّقَاقُ مَصْدَرٌ كَالْمُشَاقَّةِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الشِّقِّ- بِكَسْرِ الشِّينِ- أَيِ النَّاحِيَةِ. لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَصِيرُ فِي نَاحِيَةٍ، عَلَى طَرِيقَةِ التَّخْيِيلِ، كَمَا قَالُوا فِي اشْتِقَاقِ الْعَدُوِّ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ عَدْوَةِ الْوَادِي. وَعِنْدِي أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الشَّقِّ- بِفَتْحِ الشِّينِ- وَهُوَ الصَّدْعُ وَالتَّفَرُّعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ، وَالْخِلَافُ شِقَاقٌ. وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [137] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ وَأَضَافَ الشِّقَاقَ إِلَى (بَيْنِ) . إِمَّا لِإِخْرَاجِ لَفْظِ (بَيْنِ) عَنِ الظَّرْفِيَّةِ إِلَى مَعْنَى الْبُعْدِ الَّذِي يَتَبَاعَدُهُ الشَّيْئَانِ، أَيْ شِقَاقُ تَبَاعُدٍ، أَيْ تَجَافٍ، وَإِمَّا عَلَى وَجْهِ التَّوَسُّعِ، كَقَوْلِهِ «بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ» وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَا سَارِقَ اللَّيْلَةَ أَهْلَ الدَّارِ وَمَنْ يَقُولُ بِوُقُوعِ الْإِضَافَةِ عَلَى تَقْدِيرٍ (فِي) يَجْعَلُ هَذَا شَاهِدًا لَهُ كَقَوْلِهِ: هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [الْكَهْف: 78] ، وَالْعَرَبُ يَتَوَسَّعُونَ فِي هَذَا الظَّرْفِ كَثِيرًا، وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الْأَنْعَام: 94] فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ.
وَضَمِيرُ بَيْنِهِما عَائِدٌ إِلَى الزَّوْجَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ:
الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ [النِّسَاءِ: 4] .
وَالْحَكَمُ- بِفَتْحَتَيْنِ- الْحَاكِمُ الَّذِي يُرْضَى لِلْحُكُومَةِ بِغَيْرِ وَلَايَةٍ سَابِقَةٍ، وَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَكَّمُوهُ فَحَكَمَ، وَهُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، كَانُوا لَا يُنَصِّبُونَ الْقُضَاةَ، وَلَا يَتَحَاكَمُونَ إِلَّا إِلَى السَّيْفِ، وَلَكِنَّهُمْ قَدْ يَرْضَوْنَ بِأَحَدِ عُقَلَائِهِمْ يَجْعَلُونَهُ حَكَمًا فِي بَعْضِ حَوَادِثِهِمْ، وَقَدْ تَحَاكَمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ لَدَى هَرِمِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ، وَهِيَ الْمُحَاكَمَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَعْشَى فِي قَصِيدَتِهِ الرَّائِيَةِ الْقَائِلِ فِيهَا:
عَلْقَمَ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرٍ ... النَّاقِضِ الْأَوْتَارِ وَالْوَاتِرِ
وَتَحَاكَمَ أَبْنَاءُ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ إِلَى الْأَفْعَى الْجُرْهُمِيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست