responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 173
[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 97 إِلَى 99]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99)
فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ الْقَاعِدِينَ عَنِ الْجِهَادِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِعُذْرٍ وَبِدُونِهِ، فِي الْآيَةِ السَّالِفَةِ، كَانَ حَالُ الْقَاعِدِينَ عَنْ إِظْهَارِ إِسْلَامِهِمْ مِنَ الَّذِينَ عَزَمُوا عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، أَوِ اتَّبَعُوهُ ثُمَّ صَدَّهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ عَنْهُ وَفَتَنُوهُمْ حَتَّى أَرْجَعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ بِعُذْرٍ وَبِدُونِهِ، بِحَيْثُ يَخْطُرُ بِبَالِ السَّامِعِ أَنْ يَتَسَاءَلَ عَنْ مَصِيرِهِمْ إِنْ هُمُ اسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُجِيبَةً عَمَّا يَجِيشُ بِنُفُوسِ السَّامِعِينَ مِنَ التَّسَاؤُلِ عَنْ مَصِيرِ أُولَئِكَ، فَكَانَ مَوْقِعُهَا اسْتِئْنَافًا
بَيَانِيًّا لِسَائِلٍ مُتَرَدِّدٍ، وَلِذَلِكَ فُصِّلَتْ، وَلِذَلِكَ صُدِّرَتْ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ، فَإِنَّ حَالَهُمْ يُوجِبُ شَكًّا فِي أَنْ يَكُونُوا مُلْحَقِينَ بِالْكُفَّارِ، كَيْفَ وَهُمْ قَدْ ظَهَرَ مَيْلُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ مَنْ دَخَلَ فِيهِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ صُدَّ عَنْهُ أَوْ فُتِنَ لِأَجْلِهِ.
وَالْمَوْصُولُ هُنَا فِي قُوَّةِ الْمُعَرَّفِ بِلَامِ الْجِنْسِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ شَخْصًا أَوْ طَائِفَةً بَلْ جِنْسَ مَنْ مَاتَ ظَالِمًا نَفْسَهُ، وَلِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِعِلَّةِ الْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ، أَيْ لِأَنَّهُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ.
وَمَعْنَى تَوَفَّاهُمُ تُمِيتُهُمْ وَتَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ، فَالْمَعْنَى: أَنَّ الَّذِينَ يَمُوتُونَ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ، فَعَدَلَ عَنْ يَمُوتُونَ أَوْ يُتَوَفَّوْنَ إِلَى تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ لِيَكُونَ وَسِيلَةً لِبَيَانِ شَنَاعَةِ فِتْنَتِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ.
وَ «الْمَلَائِكَةُ» جَمْعٌ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ، فَاسْتَوَى فِي إِفَادَةِ مَعْنَى الْجِنْسِ جَمْعُهُ، كَمَا هُنَا، وَمُفْرَدُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [السَّجْدَة: 11] فَيَجُوزُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست