responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 156
(92)
انْتِقَالُ الْغَرَضِ يُعِيدُ نَشَاطَ السَّامِعِ بِتَفَنُّنِ الْأَغْرَاضِ، فَانْتَقَلَ مِنْ تَحْدِيدِ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْعَدُوِّ إِلَى أَحْكَامِ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ: مِنْ وُجُوبِ كَفِّ عُدْوَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْغَرَضِ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ وَالْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ: أَنَّهُ قَدْ كَانَ الْكَلَامُ فِي قِتَالِ الْمُتَظَاهِرِينَ بِالْإِسْلَامِ الَّذِينَ ظَهَرَ نِفَاقُهُمْ، فَلَا جَرَمَ أَنْ تَتَشَوَّفَ النَّفْسُ إِلَى حُكْمِ قَتْلِ
الْمُؤْمِنِينَ الْخُلَّصِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ حَدَثَ حَادِثُ قَتْلِ مُؤْمِنٍ خَطَأً بِالْمَدِينَةِ نَاشِئٌ عَنْ حَزَازَاتٍ أَيَّامَ الْقِتَالِ فِي الشِّرْكِ أَخْطَأَ فِيهِ الْقَاتِلُ إِذْ ظَنَّ الْمَقْتُولَ كَافِرًا. وَحَادِثُ قَتْلِ مُؤْمِنٍ عَمْدًا مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ، وَالْحَادِثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا [النِّسَاء: 94] وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، فَتَزْدَادُ الْمُنَاسَبَةُ وُضُوحًا لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَصِيرُ كَالْمُقَدِّمَةِ لِمَا وَرَدَ بَعْدَهَا مِنَ الْأَحْكَامِ فِي الْقَتْلِ.
هَوَّلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَ قَتْلِ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، وَجَعَلَهُ فِي حَيِّزِ مَا لَا يَكُونُ، فَقَالَ:
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً فَجَاءَ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ، وَهِيَ صِيغَةُ الْجُحُودِ، أَيْ مَا وُجِدَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ الْخَطَأِ، أَوْ أَنْ يَقْتُلَ قَتْلًا مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا قَتْلَ الْخَطَأِ، فَكَانَ الْكَلَامُ حَصْرًا وَهُوَ حَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ مُرَادٌ بِهِ الْمُبَالَغَةُ كَأَنَّ صِفَةَ الْإِيمَانِ فِي الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ تُنَافِي الِاجْتِمَاعَ مَعَ الْقَتْلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُنَافَاةَ الضِّدَّيْنِ لِقَصْدِ الْإِيذَانِ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا قَتَلَ مُؤْمِنًا فَقَدْ سُلِبَ عَنْهُ الْإِيمَانُ وَمَا هُوَ بِمُؤْمِنٍ، عَلَى نَحْوِ «وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً عَمَّا بَعْدَهَا، غَيْرَ مُرَادٍ بِهَا التَّشْرِيعُ، بَلْ هِيَ كَالْمُقَدِّمَةِ لِلتَّشْرِيعِ، لِقَصْدِ تَفْظِيعِ حَالِ قَتْلِ المؤمنِ المؤمنَ قَتْلًا غَيْرَ خَطَأٍ، وَتَكُونُ خَبَرِيَّةً لَفْظًا وَمَعْنًى، وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ حَقِيقِيًّا مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ، أَيْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست