responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 155
لَهُمْ فَيُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْمِهِمْ فَيَرْتَدُّونَ إِلَى الْكُفْرِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها [النِّسَاء: 91] . وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ مَعْنَى (أُرْكِسُوا) قَرِيبًا. وَهَؤُلَاءِ هُمْ غَطَفَانُ وَبَنُو أَسَدٍ مِمَّنْ كَانُوا حَوْلَ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُصَ إِسْلَامُهُمْ، وَبَنُو عَبْدِ الدَّارِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانُوا يَأْتُونَ الْمَدِينَةَ فَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى مَكَّةَ فَيَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ. وَأَمْرُ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي
مُعَامَلَةِ هَؤُلَاءِ وَمُعَامَلَةِ الْفَرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ [النِّسَاء: 90] أَمْرٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ تَرْكُهُمْ إِذَا تَرَكُوا الْمُؤْمِنِينَ وَسَالَمُوهُمْ، وَقِتَالُهُمْ إِذَا نَاصَبُوهُمُ الْعَدَاءَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الشَّرْطَ الْمَفْرُوضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِينَ: أَنَّهُمْ يَعْتَزِلُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُلْقُونَ إِلَيْهِمُ السَّلَمَ، وَلَا يُقَاتِلُونَهُمْ، وَجَعَلَ الشَّرْطَ الْمَفْرُوضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَزِلُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُلْقُونَ إِلَيْهِمُ السَّلَمَ، وَلَا يَكُفُّونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ، نَظَرًا إِلَى الْحَالَةِ الْمُتَرَقَّبَةِ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنَ الْمَذْكُورِينَ. وَهُوَ افْتِنَانٌ بَدِيعٌ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ اخْتِلَافٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ، وَبِوَصْفِ مَا فِي ضَمِيرِ الْفَرِيقَيْنِ.
وَالْوِجْدَانُ فِي قَوْلِهِ: سَتَجِدُونَ آخَرِينَ بِمَعْنَى الْعُثُورِ وَالِاطِّلَاعِ، أَيْ سَتَطَّلِعُونَ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، وَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ وَجَدَ، وَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، فَقَوْلُهُ: يُرِيدُونَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ تَصَارِيفِ اسْتِعْمَالِ الْوِجْدَانِ فِي كَلَامِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ [82] .
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ.
(وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ) هُوَ الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ الدَّالَّةُ عَلَى نِفَاقِهِمْ، فَلَا يُخْشَى أَنْ يُنْسَبَ الْمُسْلِمُونَ فِي قِتَالِهِمْ إِلَى اعْتِدَاءٍ وتفريق الجامعة.
[92]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 92]
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست