responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 87
فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةُ إِلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، أَعْنِي الزِّيَادَةَ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ، وَتَمَسَّكَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِحَدِيثِ أُسَامَةَ «إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» وَلَمْ يَأْخُذْ بِمَا وَرَدَ فِي إِثْبَاتِ رِبَا الْفَضْلِ بِدُونِ نَسِيئَةٍ، قَالَ الْفَخْرُ: «وَلَعَلَّهُ لَا يَرَى تَخْصِيصَ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْآحَادِ» ، يَعْنِي أَنَّهُ حَمَلَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ عَلَى عُمُومِهِ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الرِّبَا مَنْقُولٌ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إِلَى مَعْنًى جَدِيدٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَإِلَى هَذَا نَحَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَلْ رَأَى عُمَرُ أَنَّ لَفْظَ الرِّبَا نُقِلَ إِلَى مَعْنًى جَدِيدٍ وَلَمْ يُبَيَّنْ جَمِيعُ الْمُرَادِ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ مِمَّا يُشْبِهُ الْمُجْمَلَ، فَقَدْ حَكَى عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ مِنْ آخِرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ آيَةُ الرِّبَا فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، وَإِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ أَبْوَابَ الرِّبَا، وَلَأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ مِصْرَ وَكُورِهَا» قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَمْ يُرِدْ عُمَرُ بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَسِّرْ آيَةَ الرِّبَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ وُجُوهَ الرِّبَا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى الرِّبَا فِي سِتَّةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا.
وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنْ لَيْسَ مُرَادُ عُمَرَ أَنَّ لَفْظَ الرِّبَا مُجْمَلٌ لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بِالْبَيَانِ وَبِالتَّفْسِيرِ، بَلْ أَرَادَ أَنَّ تَحْقِيقَ حُكْمِهِ فِي صُوَرِ الْبُيُوعِ الْكَثِيرَةِ خَفِيٌّ لَمْ يَعُمُّهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّنْصِيصِ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ لَا يَتَوَخَّوْنَ فِي عِبَارَاتِهِمْ مَا يُسَاوِي الْمَعَانِيَ الِاصْطِلَاحِيَّةَ، فَهَؤُلَاءِ الْحَنَفِيَّةُ سَمَّوُا الْمُخَصِّصَاتِ بَيَانَ تَغْيِيرٍ. وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَوَاصِمِ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ يَتَوَسَّعُونَ فِي مَعْنَى الْبَيَانِ. وَفِي تَفْسِيرِ الْفَخْرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا مِنَ
الْمُجْمَلَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهَا، أَيْ بِعُمُومَيْهَا: عُمُومِ الْبَيْعِ وَعُمُومِ الرِّبَا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ جِنْسَ الْبَيْعِ وَجِنْسَ الزِّيَادَةِ لَزِمَ بَيَانُ أَيِّ بَيْعٍ وَأَيِّ زِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ كُلَّ بَيْعٍ وَكُلَّ زِيَادَةٍ فَمَا مِنْ بَيْعٍ إِلَّا وَفِيهِ زِيَادَةٌ، فَأَوَّلُ الْآيَةِ أَبَاحَ جَمِيعَ الْبُيُوعِ وَآخِرُهَا حَرَّمَ الْجَمِيعَ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى بَيَانِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالَّذِي حَمَلَ الْجُمْهُورَ عَلَى اعْتِبَارِ لِفَظِ الرِّبَا مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنًى جَدِيدٍ أَحَادِيثُ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَلَّتْ عَلَى تَفْسِيرِ الرِّبَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَأُصُولُهَا سِتَّةُ أَحَادِيثَ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست