responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 7
أَرَادَ نَفْسَهُ، وَعَن الْمُخَاطب كَقَوْلي أَبِي الطَّيِّبِ:
إِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ سَيْفًا لِدَوْلَةٍ ... فَفِي النَّاسِ بُوقَاتٌ لَهَا وَطُبُولُ
وَالَّذِي يُعَيِّنُ الْمُرَادَ فِي هَذَا كُلِّهِ هُوَ الْقَرِينَةُ كَانْطِبَاقِ الْخَبَرِ أَوِ الْوَصْفِ عَلَى وَاحِدٍ كَقَوْلِ طَرَفَةَ:
إِذَا الْقَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتًى خِلْتُ أَنَّنِي ... عُنِيتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ
وَقَدْ جَاءَ عَلَى نَحْوِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ [الْإِسْرَاء: 54، 55] عَقِبَ قَوْلِهِ: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً- إِلَى أَنْ قَالَ- وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- إِلَى قَوْلِهِ- وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ [الْإِسْرَاء: 45، 55] .
وَهَذَا إِعْلَامٌ بِأَنَّ بَعْضَ الرُّسُلِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْفَاضِلِ مِنَ الْمَفْضُولِ: ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ اشْتَرَكُوا فِي صِفَةِ خَيْرٍ لَا يَخْلُونَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ بِمَا لِلْبَعْضِ مِنْ صِفَاتِ كَمَالٍ زَائِدَةٍ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمْ، وَفِي تَمْيِيزِ صِفَاتِ التَّفَاضُلِ غُمُوضٌ، وَتَطَرُّقٌ لِتَوَقُّعِ الْخَطَأِ وَعُرُوضٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِسَهْلٍ عَلَى الْعُقُولِ الْمُعَرَّضَةِ لِلْغَفْلَةِ وَالْخَطَأِ. فَإِذَا كَانَ التَّفْضِيلُ قَدْ أَنْبَأَ بِهِ رَبُّ الْجَمِيعِ، وَمَنْ إِلَيْهِ التَّفْضِيلُ، فَلَيْسَ مِنْ قَدْرِ النّاس أَن يتصدّوا لِوَضْعِ الرُّسُلِ فِي مَرَاتِبِهِمْ، وَحَسْبُهُمُ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ.
وَهَذَا مَوْرِدُ
الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ»
يَعْنِي بِهِ النَّهْيَ عَنِ التَّفْضِيلِ التَّفْصِيلِيِّ، بِخِلَافِ التَّفْضِيلِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، كَمَا نَقُولُ: الرُّسُلُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا رُسُلًا. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الرُّسُلِ لِمَا تَظَاهَرَ مِنْ آيَاتِ تَفْضِيلِهِ وَتَفْضِيلِ الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ وَتَفْضِيلِ الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ. وَهِيَ مُتَقَارِنَةُ الدَّلَالَةِ تَنْصِيصًا وَظُهُورًا. إِلَّا أَنَّ كَثْرَتَهَا تُحَصِّلُ الْيَقِينَ بِمَجْمُوعِ مَعَانِيهَا عَمَلًا بِقَاعِدَةِ كَثْرَةُ الظَّوَاهِرِ تُفِيدُ الْقَطْعَ. وَأَعْظَمُهَا آيَةُ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [آل عمرَان: 81] الْآيَةَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست