responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 281
آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ- وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، إِذْ أَرَادُوا صُورَةَ الْإِيمَانِ، وَمَا هُوَ بِإِيمَانٍ، وَفِي هَذَا الْجَوَابِ إِظْهَارُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مُتَابَعَتِهِمْ.
أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ.
أَشْكَلَ مَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ سَابِقَتِهَا وَصْفَ نَظْمِهَا، وَمَصْرِفَ مَعْنَاهَا: إِلَى أَيِّ فَرِيقٍ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّهَا أَشْكَلُ آيَةٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ وُجُوهًا ثَمَانِيَةً. تَرْجِعُ إِلَى احْتِمَالَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ.
الِاحْتِمَالُ الأول أَنَّهَا تكلمة لِمُحَاوَرَةِ الطَّائِفَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَأَنَّ جُمْلَةَ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ مُعْتَرِضَةٌ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْحِوَارِ، وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ تَأْتِي
وُجُوهٌ نَقْتَصِرُ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ وَاضِحَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ أَرَادُوا تَعْلِيلَ قَوْلِهِمْ: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ عَلَى أَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي إِرَادَتَهُمُ اسْتِحَالَةَ نَسْخِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَاسْتِحَالَةَ بَعْثَةِ رَسُولٍ بَعْدَ مُوسَى، وَأَنَّهُ يُقَدَّرُ لَامُ تَعْلِيلٍ مَحْذُوفٌ قَبْلَ (أَنِ) الْمَصْدَرِيَّةِ وَهُوَ حَذْفٌ شَائِعٌ مِثْلُهُ. ثُمَّ إِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ حَرْفُ نَفْيٍ بَعْدَ (أَنْ) يدل عَلَيْهِ هَذَا السِّيَاقُ وَيَقْتَضِيهِ لَفْظُ (أَحَدٌ) الْمُرَادُ مِنْهُ شُمُولُ كُلِّ أَحَدٍ: لِأَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ لَا يُسْتَعْمَلُ مُرَادًا مِنْهُ الشُّمُولُ إِلَّا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَمَا فِي مَعْنَى النَّفْيِ مِثْلَ اسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ، فَأَمَّا إِذَا اسْتُعْمِلَ (أَحَدٌ) فِي الْكَلَامِ الْمُوجِبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ بِالْوَحْدَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنَاسِبٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ لِأَن لَا يوتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ وَحَذْفُ حَرْفِ النَّفْيِ بَعْدَ لَامِ التَّعْلِيلِ، ظَاهِرَةً وَمُقَدَّرَةً، كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النِّسَاء:
176] ، أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ قَصْدَهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ تَثْبِيتُ أَنْفُسِهِمْ عَلَى مُلَازَمَةِ دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، لِأَنَّ الْيَهُودَ لَا يُجَوِّزُونَ نَسْخَ أَحْكَامِ اللَّهِ، وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ النَّسْخَ يَقْتَضِي الْبَدَاءَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست