responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 272
بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ، فَكَيْفَ يَكُونُ شَرِيعَةً لَهُ.
قَالَ الْفَخْرُ: يَعْنِي وَلَمْ يُصَرَّحْ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ بِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَذِكْرُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ عَلَى هَذَا نَشْرٌ بَعْدَ اللَّفِّ: لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ شَمِلَ الْفَرِيقَيْنِ، فَذِكْرُ التَّوْرَاةِ لِإِبْطَالِ قَوْلِ الْيَهُودِ، وَذِكْرُ الْإِنْجِيلِ لِإِبْطَالِ قَوْلِ النَّصَارَى، وَذِكْرُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ هُنَا لِقَصْدِ جَمْعِ الْفَرِيقَيْنِ فِي التَّخْطِئَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُود بادىء ذِي بَدْءٍ هُمُ النَّصَارَى الَّذِينَ مَسَاقُ الْكَلَامِ مَعَهُمْ.
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي تَأْلِيفِ الْمُحَاجَّةِ يَنْتَظِمُ مِنْ مَجْمُوعِ قَوْلِهِ: وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ وَقَوْلِهِ: فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فَيُبْطِلُ بِذَلِكَ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَدَعْوَاهُمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَيُثْبِتُ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَهُمْ فِي الدِّينِ مُنْحَصِرٌ فِيهِمَا، وَهُمَا نَزَلَا بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ فَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَا عَيْنَ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ.
وَقَوْلُهُ: فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يُبْطِلُ قَوْلَهُمْ: إِنَّ الْإِسْلَامَ زَادَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَمْ يَرِدْ فِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ انْتِسَابِ الْإِسْلَامِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَانْتِسَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ إِلَيْهِ، فَلَا يَقُولُونَ وَكَيْفَ يُدَّعَى أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَنْبَأَ فِي الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ أَرْسَلَ مُحَمَّدًا بِالْإِسْلَامِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَسْبِقْ أَنِ امْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَأَنْبَأَ بِذَلِكَ أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْتَحِلُوا هَذِهِ الْمَزِيَّةَ، وَاسْتَيْقَظْتُمْ لِذَلِكَ حَسَدًا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَنَهَضَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَعْذِرَةٌ فِي أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ مَجِيءَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ بَعْدِ إِبْرَاهِيمَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ لَنَا وَلَكُمْ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ، وَلَوْلَا انْتِظَامُ الدَّلِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا لَكَانَ مُشْتَرَكَ الْإِلْزَامِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: فَلِمَ تُحَاجُّونَ مَقْصُودٌ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى الْغَلَطِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست