responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 119
مَا حُكِيَ عَنِ الصَّاحِبِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْأُسْتَاذُ ابْنُ الْعَمِيدِ يَخْتَارُ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الرُّومِيِّ وَيُنَقِّطُ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ، قَالَ الصَّاحِبُ فَدَفَعَ إِلَيَّ الْقَصِيدَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا:
أَتَحْتَ ضُلُوعِي جَمْرَةٌ تَتَوَقَّدُ ... عَلَى مَا مَضَى أَمْ حَسْرَةٌ تَتَجَدَّدُ
وَقَالَ لِي: تَأَمَّلْهَا، فَتَأَمَّلْتُهَا فَوَجَدْتُهُ قَدْ تَرَكَ خير بَيت فِيهَا لَمْ يُنَقِّطْ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
بِجَهْلٍ كَجَهْلِ السَّيْفِ وَالسَّيْفُ مُنْتَضًى ... وَحِلْمٍ كَحِلْمِ السَّيْفِ وَالسَّيْفُ مُغْمَدُ
فَقُلْتُ: لِمَ تَرَكَ الْأُسْتَاذُ هَذَا الْبَيْتَ؟ فَقَالَ: لَعَلَّ الْقَلَمَ تَجَاوَزَهُ، ثُمَّ رَآنِي مِنْ بَعْدُ فَاعْتَذَرَ بِعُذْرٍ كَانَ شَرًّا مِنْ تَرْكِهِ فَقَالَ: إِنَّمَا تَرَكْتُهُ لِأَنَّهُ أَعَادَ السَّيْفَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَالَ الصَّاحِبُ: لَوْ لَمْ يُعِدْهُ لَفَسَدَ الْبَيْتُ، قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الصَّاحِبُ- ثُمَّ قَالَ- قَالَهُ أَبُو يَعْقُوبَ: إِنَّ الْكِنَايَةَ وَالتَّعْرِيضَ لَا يَعْمَلَانِ فِي الْعُقُولِ عَمَلَ الْإِفْصَاحِ وَالتَّكْشِيفِ لِأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ لِإِعَادَةِ اللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [الْإِسْرَاء: 105] وَقَوْلِهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ [الصَّمَدُ: [1]، 2] عَمَلٌ لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ: قَدِ اسْتَكْرَهُوا التَّكْرِيرَ فِي قَوْلِهِ:
فَمَا لِلنَّوَى جُذَّ النَّوَى قُطِعَ النَّوَى حَتَّى قِيلَ: لَوْ سُلِّطَ بَعِيرٌ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ لَرَعَى مَا فِيهِ مِنَ النَّوَى، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ التَّكْرِيرَ الْمُسْتَحْسَنَ هُوَ تَكْرِيرٌ يَقَعُ عَلَى طَرِيقِ التَّعْظِيمِ، أَوِ التَّحْقِيرِ، فِي جُمَلٍ مُتَوَالِيَاتٍ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنْهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَالْمُسْتَقْبَحُ هُوَ أَنْ يَكُونَ التَّكْرِيرُ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي جُمَلٍ فِي مَعْنًى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّحْقِيرِ، فَالرَّاغِبُ مُوَافِقٌ لِلْأُسْتَاذِ ابْنِ الْعَمِيدِ، وَعَبْدُ الْقَاهِرِ مُوَافِقٌ لِلصَّاحِبِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ الْمَرْزُوقِيُّ فِي شَرْحِ الْحَمَاسَةِ [1] عِنْدَ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ زِيَادٍ:
لَمَّا رَأَيْتُ الشَّيْبَ لَاحَ بَيَاضُهُ ... بِمَفْرِقِ رَأْسِي قُلْتُ لِلشَّيْبِ مَرْحَبًا
«كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: قُلْتُ لَهُ مَرْحَبًا، لَكِنَّهُمْ يُكَرِّرُونَ الْأَعْلَامَ وَأَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ كَثِيرًا وَالْقَصْدُ بِالتَّكْرِيرِ التَّفْخِيمُ» .

[1] فِي بَاب الْأَدَب من ديوَان الحماسة.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست