responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 118
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ حُذِفَ مَفْعُولُ تَفْعَلُوا وَهُوَ مَعْلُومٌ، لِأَنَّهُ الْإِضْرَارُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ لَا يُضَارَّ مِثْلُ «اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ» وَالْفُسُوقُ: الْإِثْمُ الْعَظِيمُ، قَالَ تَعَالَى: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ [الحجرات: 11] .
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
أَمَرَ بِالتَّقْوَى لِأَنَّهَا مِلَاكُ الْخَيْرِ، وَبِهَا يَكُونُ تَرْكُ الْفُسُوقِ. وَقَوْلُهُ: وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ الْإِسْلَامِ، الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْجَهَالَةِ إِلَى الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ، وَنِظَامِ الْعَالَمِ، وَهُوَ أَكْبَرُ الْعُلُومِ وَأَنْفَعُهَا، وَوَعْدٌ بِدَوَامِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جِيءَ فِيهِ بِالْمُضَارِعِ، وَفِي عَطْفِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ التَّقْوَى سَبَبُ إِفَاضَةِ الْعُلُومِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِيُعَلِّمَكُمْ. وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَعَانِي الْوَاوِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.
وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي الْجُمَلِ الثَّلَاثِ: لِقَصْدِ التَّنْوِيهِ بِكُلِّ جُمْلَةٍ مِنْهَا حَتَّى تَكُونَ مُسْتَقِلَّةَ الدَّلَالَةِ، غَيْرَ محتاجة إِلَى غَيرهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَعَادِ ضَمِيرِهَا، حَتَّى إِذَا سَمِعَ السَّامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا حَصَلَ لَهُ عِلْمٌ مُسْتَقِلٌّ، وَقَدْ لَا يَسْمَعُ إِحْدَاهَا فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فِي فَهْمِ أُخْرَاهَا، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِظْهَارِ قَوْلُ الْحَمَاسِيِّ [1] :
اللُّؤْمُ أَكْرَمُ مِنْ وَبْرٍ وَوَالِدِهِ ... وَاللُّؤْمُ أَكْرَمُ مِنْ وَبْرٍ وَمَا وَلَدَا

وَاللُّؤْمُ دَاءٌ لِوَبْرٍ يُقْتَلُونَ بِهِ ... لَا يُقْتَلُونَ بِدَاءٍ غَيْرِهِ أَبَدًا
فَإِنَّهُ لَمَّا قَصَدَ التَّشْنِيعَ بِالْقَبِيلَةِ وَمَنْ وَلَدَهَا، وَمَا وَلَدَتْهُ، أَظْهَرَ اللُّؤْمَ فِي الْجُمَلِ الثَّلَاثِ وَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ كَالتَّأْكِيدِ لِلثَّالِثَةِ لَمْ يُظْهِرِ اسْمَ اللُّؤْمِ بِهَا. هَذَا، وَلِإِظْهَارِ اسْمِ الْجَلَالَةِ نُكْتَةٌ أُخْرَى وَهِيَ التَّهْوِيلُ. وَلِلتَّكْرِيرِ مَوَاقِعُ يَحْسُنُ فِيهَا، وَمَوَاقِعُ لَا يَحْسُنُ فِيهَا، قَالَ الشَّيْخُ فِي «دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ» [2] ، فِي الْخَاتِمَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ الذَّوْقَ قَدْ يُدْرِكُ أَشْيَاءَ لَا يُهْتَدَى لأسبابها، وأنّ بِبَعْض الْأَئِمَّةِ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْخَطَأُ فِي التَّأْوِيلِ: «وَمِنْ ذَلِكَِِ

[1] وَهُوَ الحكم ابْن مقداد ويدعى ابْن زهرَة وزهرة أمه وَيعرف بالحكم الْأَصَم الْفَزارِيّ، وتنسب الأبيات إِلَى عويف القوافي أَيْضا واسْمه عَوْف بن حصن الْفَزارِيّ.
[2] ص 400 مطبعة الموسوعات بِمصْر.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست