responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 63
[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 33]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)
عَوْدٌ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي إِلَى قَوْلِهِ: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ [الْأَحْقَاف: 17، 18] فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنَ الْمَوْعِظَةِ بِمَصِيرِ أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إِبْطَالِ ضَلَالِهِمْ فِي شِرْكِهِمْ وَهُوَ الضَّلَالُ الَّذِي جَرَّأَهُمْ عَلَى إِحَالَةِ الْبَعْثِ، بَعْدَ أَنْ أُطِيلَ فِي إِبْطَالِ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ وَفِي إِبْطَالِ تَكْذِيبِهِمْ بِالْقُرْآنِ وتكذيبهم النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا عَوْدٌ عَلَى بَدْءٍ فَقَدِ ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَى الْبَعْثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الْأَحْقَاف: 3] الْآيَةَ وَيَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ إِلَى قَوْلِهِ: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الْأَحْقَاف: 17] .
وَالْوَاوُ عَاطِفَةُ جُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ، وَالرُّؤْيَةُ عِلْمِيَّةٌ. وَأُخْتِيرَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ بَيْنَ أَفْعَالِ الْعِلْمِ هُنَا لِأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ مُشَاهَدَةٌ، وَهِيَ دَلَالَةُ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ عَدَمٍ، وَذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْرَضَ بِالْعَقْلِ إِلَى أَنَّ اللَّهَ كَامِلُ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ مِنْ إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ.
وَوَقَعَتْ أَنَّ مَعَ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا سَادَّةً مَسَدَّ مَفْعُولَيْ يَرَوْا. وَدَخَلَتِ الْبَاءُ الزَّائِدَةُ عَلَى خَبَرِ أَنَّ وَهُوَ مُثبت وموكّد، وَشَأْنُ الْبَاءِ الزَّائِدَةِ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ، لِأَنَّ أَنَّ وَقَعَتْ فِي خَبَرِ الْمَنْفِيِّ وَهُوَ أَوَلَمْ يَرَوْا.
وَوَقَعَ بَلى جَوَابًا عَنِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ. وَلَا يُرِيبُكَ فِي هَذَا مَا شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُعْرِبِينَ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ الْإِنْكَارِيَّ فِي تَأْوِيلِ النَّفْيِ، وَهُوَ هُنَا اتَّصَلَ بِفِعْلٍ مَنْفِيٍّ بِ (لَمْ) فَيَصِيرُ نَفْيُ النَّفْيِ إِثْبَاتًا، فَكَانَ الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ بِحَرْفِ (نَعَمْ) دُونَ بَلى، لِأَنَّ كَلَامَ الْمُعْرِبِينَ أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُ فِي قُوَّةِ مَنْفِيٍّ عِنْدَ الْمُسْتَفْهِمِ بِهِ، وَلَمْ يُرِيدُوا أَنَّهُ يُعَامِلُ مُعَامَلَةَ النَّفْيِ فِي الْأَحْكَامِ. وَكُونُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى شَيْءٍ لَا يَقْتَضِي أَنْ يُعْطَى جَمِيعَ أَحْكَامِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست