responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 59
فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاع أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ»
، أَيْ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ فِي خُطْبَتِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»
، أَيْ قَالُوا كُلُّهُمْ: أَنْصِتُوا، كُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُهَا لِلْبَقِيَّةِ حِرْصًا عَلَى الْوَعْيِ فَنَطَقَ بِهَا جَمِيعُهُمْ.
وقُضِيَ مَبْنِيٌّ لِلنَّائِبِ. وَالضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ قُضِيَتْ قِرَاءَتُهُ، أَيِ انْتهى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقِرَاءَةِ حِينَ حَضَرُوا وَبِانْتِهَائِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ تَمَّ مُرَادُ اللَّهِ مَنْ صَرْفِ الْجِنِّ ليستمعوا الْقُرْآن ف (ولّوا) ، أَيِ انْصَرَفُوا مِنْ مَكَانِ الِاسْتِمَاعِ وَرَجَعُوا إِلَى حَيْثُ يَكُونُ جِنْسُهُمْ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِ قَوْمِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ، نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْأُنْسِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ الشَّبِيهَةِ بِحَالَةِ النَّاسِ، فَإِطْلَاقُ الْقَوْمِ عَلَى أُمَّةِ الْجِنِّ نَظِيرُ إِطْلَاقِ النَّفَرِ عَلَى الْفَرِيقِ مِنَ الْجِنِّ الْمَصْرُوفِ إِلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ.
وَالْمُنْذِرُ: الْمُخْبِرُ بِخَبَرٍ مُخِيفٍ.
وَمَعْنَى وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ رَجَعُوا إِلَى بَنِي جِنْسِهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي حَضْرَة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتسمعون الْقُرْآنَ فَأَبْلَغُوهُمْ مَا سَمِعُوا مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا فِيهِ التَّخْوِيفُ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ. وَالتَّبْشِيرُ لِمَنْ عَمَلِ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ. وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ يَسَّرَ لَهُمْ حُضُورَهُمْ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ جَامِعَةٍ لِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ كَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ.
وَجُمْلَةُ قالُوا يَا قَوْمَنا إِلَى آخِرِهَا مُبَيِّنَةٌ لِقَوْلِهِ: مُنْذِرِينَ. وَحِكَايَةُ تَخَاطُبِ الْجِنِّ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى إِذْ لَا يُعْرَفُ أَنَّ لِلْجِنِّ مَعْرِفَةً بِكَلَامِ الْإِنْسِ، وَكَذَلِكَ فَعْلُ قالُوا مَجَازٌ عَنِ الْإِفَادَةِ، أَيْ أَفَادُوا جِنْسَهُمْ بِمَا فَهِمُوا مِنْهُ بِطُرُقِ الِاسْتِفَادَةِ عِنْدَهُمْ مَعَانِيَ مَا حُكِيَ بِالْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [النَّمْل: 18] . وابتدأوا إِفَادَتَهُمْ بِأَنَّهُمْ سَمِعُوا كِتَابًا تَمْهِيدًا لِلْغَرَضِ مِنَ الْمَوْعِظَةِ بِذِكْرِ الْكِتَابِ وَوَصْفِهِ لِيَسْتَشْرِفَ الْمُخَاطَبُونَ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست