responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 43
أَعْمَالِكُمْ، وَلَيْسَتِ الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ وَلَا لِلتَّسَبُّبِ. وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْمُسْلِمِ مِنْ تَنَاوُلِ الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا إِذَا تَوَخَّى حَلَالَهَا وَعَمِلَ بِوَاجِبِهِ الدِّينِيِّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الزُّهْدُ فِي الِاعْتِنَاءِ بِذَلِكَ أَرْفَعَ دَرَجَةً وَهِيَ دَرَجَةُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَأَنَا أَعْلَمُ
بِخَفْضِ الْعَيْشِ وَلَوْ شِئْتُ لَجَعَلْتُ أَكْبَادًا، وَصَلَائِقَ وَصِنَابًا وَكَرَاكِرَ وَأَسْنِمَةً [1] وَلَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ نَعَى عَلَى قَوْمٍ فَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها. وَأَنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بِذَلِكَ الْخَشْيَةَ مِنْ أَنْ يَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ وَاجِبِهِ مِنْ تَدْبِيرِ أُمُورِ الْأُمَّةِ فَيَقَعَ فِي التَّفْرِيطِ وَيُؤَاخَذَ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَنَّ عُمَرَ حِينَ دَخَلَ الشَّامَ قَدَّمَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَعَامًا طَيِّبًا. فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا لَنَا فَمَا لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ مَاتُوا وَلَمْ يَشْبَعُوا مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ؟
فَقَالَ خَالِدٌ: لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَبَكَى عُمَرُ. وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ حَظُّنَا فِي الْمُقَامِ وَذَهَبُوا بِالْجَنَّةِ لَقَدْ بَايَنُونَا بَوْنًا بَعِيدًا.
وَالْهُونِ: الْهَوَانُ وَهُوَ الذُّلُّ وَإِضَافَةُ عَذابَ إِلَى الْهُونِ مَعَ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ تُجْزَوْنَ.
وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِكْبَارِ، الِاسْتِكْبَارُ على الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَلى قَبُولِ التَّوْحِيدِ.
وَالْفُسُوقُ: الْخُرُوجُ عَنِ الدِّينِ وَعَنِ الْحَقِّ، وَقَدْ يَأْخُذُ الْمُسْلِمُ بِحَظٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْجُرْمَيْنِ فَيَكُونُ لَهُ حَظٌّ مِنْ جَزَائِهِمَا الَّذِي لَقِيَهُ الْكَافِرُونَ، وَذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ.
وَالْفُسُوقُ: هُنَا الشِّرْكُ.

[1] الصلائق بالصَّاد جمع صليقة وَهِي الشَّاة المصلوقة، أَي المشوية، وَالصِّنَاب بِكَسْر الصَّاد وَنون مُخَفّفَة وموحدة صباغ من خَرْدَل وزبيب يُؤْدم بِهِ اللَّحْم. والكراكر جمع كركرة بكافين مكسورين غُدَّة فِي صدر الْبَعِير تلاصق الأَرْض إِذا برك وَهِي لحم طيب.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست