responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 42
[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 20]
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)
انْتِقَالٌ إِلَى وَعِيدِ الْكَافِرِينَ عَلَى الْكُفْرِ بِحَذَافِرِهِ، وَذَلِكَ زَائِدٌ عَلَى الْوَعِيدِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُتَعَلِّقِ بِإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ مَعَ عُقُوقِهِمُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما [الْأَحْقَاف: 17] الْآيَاتِ.
وَالْكَلَامُ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَيُقَالُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا يَوْمَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ، وَمُنَاسِبَةُ ذِكْرِهِ هُنَا أَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَعْنَى لَا يُظْلَمُونَ [الْأَحْقَاف: 19] ، أَيْ لَا يُظْلَمُونَ فِي جَزَاءِ الْآخِرَةِ مَعَ أَنَّنَا أَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ شِئْنَا لَعَجَّلْنَا لَهُمُ الْجَزَاءَ عَلَى كُفْرِهِمْ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْرِمْهُمْ مِنَ النِّعْمَةِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ نِعْمَةَ الْكَافِرِ فِي الدُّنْيَا نِعْمَةٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَعَنِ الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَتَؤَوَّلَ بِأَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ، أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ عَاقِبَتَهَا سَيِّئَةٌ. وَنِعْمَةُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا مُعَامَلَةٌ بِفَضْلِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَزَاؤُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ مُعَامَلَةٌ بِعَدْلِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْحِكْمَةِ.
وَانْتَصَبَ يَوْمَ يُعْرَضُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِفِعْلِ الْقَوْلِ الْمَحْذُوفِ. وَالْعَرْضُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ هُودٍ [18] وَقَوْلِهِ: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها فِي سُورَةِ غَافِرٍ [46] وَفِي قَوْلِهِ: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها فِي سُورَةِ الشُّورَى [45] .
وَإِذْهَابُ الطَّيِّبَاتِ مُسْتَعَارٌ لِمُفَارَقَتِهَا كَمَا أَنَّ إِذْهَابَ الْمَرْءِ إِبْعَادٌ لَهُ عَن مَكَان لَهُ.
وَالذَّهَابُ: الْمُبَارَحَةُ. وَالْمَعْنَى: اسْتَوْفَيْتُمْ مَا لَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ بِمَا حَصَلَ لَكُمْ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَمُتْعَتِهَا فَلَمْ تَبْقَ لَكُمْ طَيِّبَاتٌ بَعْدَهَا لِأَنَّكُمْ لَمْ تَعْمَلُوا لِنَوَالِ طَيِّبَاتِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ إِعْذَارٌ لَهُمْ وَتَقْرِيرٌ لِكَوْنِهِمْ لَا يُظْلَمُونَ فَرُتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ.
فَالْفَاءُ فَصِيحَةٌ. وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْيَوْمَ لَمْ يَبْقَ لَكُمْ إِلَّا جَزَاء سيّىء

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست