responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 215
وَفَاعِلُ يَنْفَعَكُمُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى التَّمَنِّي بِقَوْلِهِمْ: يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ [الزخرف:
38] ، أَيْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ تَمَنِّيكُمْ وَلَا تَفَصِّيكُمْ.
وإِذْ أَصْلُهُ ظَرْفٌ مُبْهَمٌ لِلزَّمَنِ الْمَاضِي تُفَسِّرُهُ الْجُمْلَةُ الَّتِي يُضَافُ هُوَ إِلَيْهَا وَيَخْرُجُ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ إِلَى مَا يُقَارِبُهَا بِتَوَسُّعٍ أَوْ إِلَى مَا يُشَابِهُهَا بِالْمَجَازِ. وَهُوَ التَّعْلِيلُ، وَهِيَ هُنَا مَجَازٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ، شُبِّهَتْ عِلَّةُ الشَّيْءِ وَسَبَبُهُ بِالظَّرْفِ فِي اللُّزُومِ لَهُ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» مَعْنَى التَّعْلِيلِ مِنْ مَعَانِي إِذْ وَلَمْ يَنْسُبْهُ لأحد من أيمة النَّحْوِ وَاللُّغَةِ. وَجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ تَكُونَ إِذْ بَدَلًا من الْيَوْمَ، وَتَأْويل الْكَلَامَ عَلَى جَعْلِ فِعْلِ ظَلَمْتُمْ بِمَعْنَى: تَبَيَّنَ أَنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ، أَيْ وَاسْتَعْمَلَ الْإِخْبَارَ بِمَعْنَى التَّبَيُّنِ، كَقَوْلِ زَائِدِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْفَقْعَسِيِّ:
إِذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَةٌ ... وَلَمْ تَجِدِي مِنْ أَنْ تُقِرِّي بِهِ بُدَّا
أَيْ تَبَيَّنَ أَنْ لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَةٌ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: رَاجَعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مِرَارًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ الْآيَةَ مُسْتَشْكِلًا إِبْدَالَ إِذْ مِنَ الْيَوْمَ فَآخِرُ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُ أَنَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ سَوَاءٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ فَكَأَنَّ الْيَوْمَ مَاضٍ أَوْ كَانَ إِذْ مُسْتَقْبلَة اهـ. وَهُوَ جَوَابٌ وَهِنٌ مَدْخُولٌ.
وَأَقُولُ: اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَوَالٌّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَزْمِنَةٍ وَهِيَ لَنْ لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ، والْيَوْمَ اسْمٌ لِزَمَنِ الْحَالِ، وإِذْ اسْمٌ لِزَمَنِ الْمُضِيِّ، وَثَلَاثَتُهَا مَنُوطَةٌ بِفِعْلِ يَنْفَعَكُمُ وَمُقْتَضَيَاتُهَا يُنَافِي بَعْضُهَا بَعْضًا، فَالنَّفْيُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِ الْيَوْمَ الَّذِي هُوَ لِلْحَالِ، وإِذْ يُنَافِي نَفْيَ النَّفْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيُنَافِي التَّقْيِيدَ بِ الْيَوْمَ فَتَصَدَّى الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ لِدَفْعِ التَّنَافِي بَيْنَ مُقْتَضَى إِذْ وَمُقْتَضَى الْيَوْمَ بِتَأْوِيلِ مَعْنَى إِذْ كَمَا عَلِمْتَ، وَلَمْ يَتَصَدَّ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ لِدَفْعِ التَّنَافِي بَيْنَ مُقْتَضَى الْيَوْمَ الدَّالِّ عَلَى زَمَنِ الْحَالِ وَبَيْنَ
مُقْتَضَى لَنْ وَهُوَ حُصُولُ النَّفْيِ فِي الِاسْتِقْبَالِ. وَأَنَا أَرَى لِدَفْعِهِ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ ظَرْفًا لِلْحُكْمِ وَالْإِخْبَارِ، أَيْ تَقَرَّرَ الْيَوْمَ انْتِفَاءُ انْتِفَاعِكُمْ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْعَذَابِ انْتِفَاءً مُؤَبَّدًا مِنَ الْآنَ، كَقَوْلِ مِقْدَامٍ الدُّبَيْرِيِّ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست