responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 154
فَاهْتَدَى بِهِ مَنْ شِئْنَا هِدَايَتَهُ، أَيْ وَبَقِيَ عَلَى الضَّلَالِ مَنْ لَمْ نَشَأْ لَهُ الِاهْتِدَاءَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً [الْبَقَرَة: 26] .
وَشُبِّهَ الْكِتَابُ بِالنُّورِ لِمُنَاسَبَةِ الْهَدْيِ بِهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْهُدَى وَالْعِلْمَ تُشَبَّهُ بِالنُّورِ، وَالضَّلَالَ وَالْجَهْلَ وَالْكُفْرَ تُشَبَّهُ بِالظُّلْمَةِ، قَالَ تَعَالَى: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الْبَقَرَة: 257] . وَإِذَا كَانَ السَّائِرُ فِي الطَّرِيقِ فِي ظُلْمَةٍ ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِذَا اسْتَنَارَ لَهُ اهْتَدَى إِلَى الطَّرِيقِ، فَالنُّورُ وَسِيلَةُ الِاهْتِدَاءِ وَلَكِنْ إِنَّمَا يَهْتَدِي بِهِ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ حَائِلٌ دُونَ الِاهْتِدَاءِ وَإِلَّا لَمْ تَنْفَعْهُ وَسِيلَةُ الِاهْتِدَاءِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، أَيْ نَخْلُقُ بِسَبَبِهِ الْهِدَايَةَ فِي نُفُوسِ الَّذِينَ أَعَدَدْنَاهُمْ لِلْهُدَى مِنْ عِبَادِنَا. فَالْهِدَايَةُ هُنَا هِدَايَةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ خَلْقُ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ.
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.
أَيْ نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ بِدَعْوَتِكَ وَوَاسِطَتِكَ فَلَمَّا أَثْبَتَ الْهَدْيَ إِلَى اللَّهِ وَجَعَلَ الْكِتَابَ سَبَبًا لِتَحْصِيلِ الْهِدَايَة عطف عَلَيْهِ وَسَاطَةَ الرَّسُولِ فِي إِيصَالِ ذَلِكَ الْهَدْيِ تَنْوِيهًا بشأن الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَجُمْلَةُ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا. وَفِي الْكَلَامِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ وَإِذْ كَبُرَ عَلَيْهِمْ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وَالْهِدَايَةُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي هِدَايَةٌ عَامَّةٌ. وَهِيَ: إِرْشَادُ النَّاسِ إِلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهِدَايَةَ فِي قَوْلِهِ: نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ. وَحَذَفَ مَفْعُولَ لَتَهْدِي لِلْعُمُومِ، أَيْ لَتَهْدِي جَمِيعَ النَّاسِ، أَيْ تُرْشِدُهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [الْبَلَد: 10، 11] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست