responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 153
وَكِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ لَا يَقْتَضِي أَن الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِوُجُودِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّةِ إِلَهِيَّتِهِ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ إِذِ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ مَعْصُومُونَ مِنَ الشِّرْكِ قَبْلَ النُّبُوءَةِ فَهُمْ مُوَحِّدُونَ لِلَّهِ وَنَابِذُونَ لِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَفَاصِيلَ الْإِيمَان، وَكَانَ نبيئنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَهْدِ جَاهِلِيَّةِ قَوْمِهِ يَعْلَمُ بُطْلَانَ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَإِذْ قَدْ كَانَ قَوْمُهُ يُشْرِكُونَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ فَبُطْلَانُ إِلَهِيَّةِ الْأَصْنَامِ عِنْدَهُ تُمَحِّضُهُ لِإِفْرَادِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ لَا مَحَالَةَ.
وَقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «دَلَائِلِ النُّبُوءَةِ» عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ
وَذَكَرَهُ عِيَاضٌ فِي «الشِّفَاءِ» غَيْرَ مَعْزُوٍّ: «أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا نَشَأْتُ- أَيْ عَقَلْتُ- بُغِّضَتْ إِلَيَّ الْأَوْثَانُ وَبُغِّضَ إِلَيَّ الشِّعْرُ، وَلَمْ أَهُمَّ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ إِلَّا مَرَّتَيْنِ
فَعَصَمَنِي اللَّهُ مِنْهُمَا ثُمَّ لَمْ أَعُدْ»
. وَعَلَى شِدَّةِ مُنَازَعَةِ قُرَيْشٍ إِيَّاهُ فِي أَمْرِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحَاجُّوهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ مَعَهُمْ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّةٌ لِلْقَائِلِينَ بِأَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا قَبْلَ نُبُوءَتِهِ بِشَرْعٍ.
وَإِدْخَالُ لَا النَّافِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا الْإِيمانُ تَأْكِيدٌ لِنَفْيِ دِرَايَتِهِ إِيَّاهُ، أَيْ مَا كُنْتَ تَدْرِي الْكِتَابَ وَلَا الْإِيمَانَ، لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ دِرَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَقَوْلُهُ: وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ.
وَضَمِيرُ جَعَلْناهُ عَائِدٌ إِلَى الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ. وَالتَّقْدِيرُ:
وَجَعَلَنَا الْكِتَابَ نُورًا. وَأُقْحِمَ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ حَرْفُ الِاسْتِدْرَاكِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَكْسُ مَضْمُونِ جُمْلَةِ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ.
والاستدراك ناشىء عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ لِأَنَّ ظَاهِرَ نَفْيِ دِرَايَةِ الْكِتَابِ أَنَّ انْتِفَاءَهَا مُسْتَمِرٌّ فَاسْتَدْرَكَ بِأَنَّ اللَّهَ هَدَاهُ بِالْكِتَابِ وَهَدَى بِهِ أُمَّتَهُ، فَالِاسْتِدْرَاكُ وَاقِعٌ فِي الْمَحَزِّ. وَالتَّقْدِيرُ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ثُمَّ هَدَيْنَاكَ بِالْكِتَابِ ابْتِدَاءً وَعَرَّفْنَاكَ بِهِ الْإِيمَانَ وَهَدَيْتَ بِهِ النَّاسَ ثَانِيًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست