responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 138
وَقَوْلُهُ: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [الْبَقَرَة: 34] .
يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً.
بَدَلَ مِنْ جُمْلَةِ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ لِأَنَّ خَلْقَهُ مَا يَشَاءُ يَشْتَمِلُ عَلَى هِبَتِهِ لِمَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ. وَهَذَا الْإِبْدَالُ إِدْمَاجُ مَثَلٍ جَامِعٍ لِصُوَرِ إِصَابَةِ الْمَحْبُوبِ وَإِصَابَةِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً هُوَ مِنَ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ غَالِبِ الْبَشَرِ وَيَتَضَمَّنُ ضَرْبًا مِنْ ضُرُوبِ الْكُفْرَانِ وَهُوَ اعْتِقَادُ بَعْضِ النِّعْمَةِ سَيِّئَةً فِي عَادَةِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ تَطَيُّرِهِمْ بِوِلَادَةِ الْبَنَاتِ لَهُمْ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى التَّعْرِيضِ بِهِمْ فِي ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْإِنَاثِ عَلَى الذُّكُورِ فِي ابْتِدَاءِ تَعْدَادِ النِّعَمِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى عَكْسِ الْعَادَةِ فِي تَقْدِيمِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ حَيْثُمَا ذُكِرَا فِي الْقُرْآنِ فِي نَحْوِ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [الحجرات: 13] وَقَوْلِهِ: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [الْقِيَامَة: 39] فَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَالْمُرَادُ: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا فَقَطْ وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ فَقَطْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً. وَتَنْكِيرُ إِناثاً لِأَنَّ التَّنْكِيرَ هُوَ الْأَصْلُ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ وَتَعْرِيفُ الذُّكُورَ بِاللَّامِ لِأَنَّهُمُ الصِّنْفُ الْمَعْهُودُ لِلْمُخَاطَبِينَ، فَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ وَإِنَّمَا يُصَارُ إِلَى تَعْرِيفِ الْجِنْسِ لِمَقْصِدٍ، أَيْ يَهَبُ ذَلِكَ الصِّنْفَ الَّذِي تَعْهَدُونَهُ وَتَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَتَرْغَبُونَ فِيهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَرْسَلَهَا الْعِرَاكُ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ. وأَوْ لِلتَّقْسِيمِ.
وَالتَّزْوِيجُ قَرْنُ الشَّيْءِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَصِيرَانِ زَوْجًا. وَمِنْ مَجَازِهِ إِطْلَاقُهُ عَلَى إِنْكَاحِ الرَّجُلِ امْرَأَةً لِأَنَّهُمَا يَصِيرَانِ كَالزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ هُنَا: جَعَلَهُمْ زَوْجًا فِي الْهِبَةِ، أَيْ يَجَمْعُ لِمَنْ يَشَاءُ فَيَهَبُ لَهُ ذُكْرَانًا مُشْفَعِينَ بِإِنَاثٍ فَالْمُرَادُ التَّزْوِيجُ بِصِنْفٍ آخَرَ لَا مُقَابَلَةُ كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الصِّنْفِ بِفَرْدٍ مِنَ الصِّنْفِ الْآخَرِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست