responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 126
وَالْعَرْضُ: أَصْلُهُ إِظْهَارُ الشَّيْءِ وَإِرَاءَتُهُ لِلْغَيْرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ قَوْلُ الْعَرَبِ: عَرَضْتُ الْبَعِيرَ عَلَى الْحَوْضِ مَعْدُودًا عِنْدَ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَعُلَمَاءِ الْمَعَانِي مِنْ قَبِيلِ الْقَلْبِ فِي التَّرْكِيبِ، ثُمَّ تَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ إِطْلَاقَاتٌ عَدِيدَةٌ مُتَقَارِبَةٌ دَقِيقَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى تَدْقِيقٍ.
وَمِنْ إِطْلَاقَاتِهِ قَوْلُهُمْ: عَرْضُ الْجُنْدِ عَلَى الْأَمِيرِ، وَعَرْضُ الْأَسْرَى عَلَى الْأَمِيرِ، وَهُوَ إِمْرَارُهُمْ لِيَرَى رَأْيَهُ فِي حَالِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ، وَهُوَ إِطْلَاقُهُ هُنَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ، اسْتُعِيرَ لَفْظُ يُعْرَضُونَ لِمَعْنَى: يَمُرُّ بِهِمْ مَرَّا عَاقِبَتُهُ التَّمَكُّنُ مِنْهُمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ فَكَأَنَّ جَهَنَّمَ إِذَا عُرِضُوا عَلَيْهَا تَحْكُمُ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ حَرِيقِهَا، وَيُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ [20] وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها الْآيَةَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ إِطْلَاقٌ لَهُ آخَرُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [31] .
وَبُنِيَ فِعْلُ يُعْرَضُونَ لِلْمَجْهُولِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْفِعْلِ لَا تَعْيِينُ فَاعِلِهِ.
وَالَّذِينَ يَعْرِضُونَ الْكَافِرِينَ عَلَى النَّارِ هُمُ الْمَلَائِكَةُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخْرَى.
وَضَمِيرُ عَلَيْها عَائِدٌ إِلَى الْعَذَابِ بِتَأْوِيلِ أَنَّهُ النَّارُ أَوْ جَهَنَّمُ أَوْ عَائِدٌ إِلَى جَهَنَّمَ الْمَعْلُومَةِ مِنَ الْمَقَامِ.
وَانْتَصَبَ خاشِعِينَ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فِي تَراهُمْ لِأَنَّهَا رُؤْيَةٌ بَصَرِيَّةٌ.
وَالْخُشُوعُ: التَّطَامُنُ وَأَثَرُ انْكِسَارِ النَّفْسِ مِنِ اسْتِسْلَامٍ وَاسْتِكَانَةٍ فَيَكُونُ لِلْمَخَافَةِ، وَلِلْمَهَابَةِ، وَلِلطَّاعَةِ، وَلِلْعَجْزِ عَنِ الْمُقَاوَمَةِ.
وَالْخُشُوعُ مِثْلُ الْخُضُوعِ إِلَّا أَنَّ الْخُضُوعَ لَا يُسْنَدُ إِلَّا إِلَى الْبَدَنِ فَيُقَالُ: خَضَعَ فُلَانٌ، وَلَا يُقَالُ: خَضَعَ بَصَرُهُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ [الْأَحْزَاب: 32] ، وَأَمَّا الْخُشُوعُ فَيُسْنَدُ إِلَى الْبَدَنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: خاشِعِينَ لِلَّهِ فِي آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [199] . وَيُسْنَدُ إِلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست