responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 153
أَنَّهُ يُعْجَبُ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِيَّاهُ لِدِينِهِمْ مَعَ مَا رَأَوْا مِنْ حِرْصِهِ عَلَى نُصْحِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى النَّجَاةِ وَمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَتِهِ وَبُطْلَانِ دَعْوَتِهِمْ.
وَجُمْلَةُ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى النَّارِ أَمْرٌ مُجْمَلٌ مُسْتَغْرَبٌ فَبَيَّنَهُ بِبَيَانِ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ إِلَى التَّلَبُّسِ بِالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ عَذَابَ النَّارِ. وَالْمَعْنَى: تَدْعُونَنِي لِلْكُفْرِ بِاللَّهِ وَإِشْرَاكِ مَا لَا أَعْلَمُ مَعَ اللَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ.
وَمَعْنَى مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ مَا لَيْسَ لِي بِصِحَّتِهِ أَوْ بِوُجُودِهِ عِلْمٌ، وَالْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ آلِهَةً بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ بِنَفْيِ اللَّازِمِ عَنْ نَفْيِ الْمَلْزُومِ.
وَعُطِفَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ فَكَانَ بَيَانًا لِمُجْمَلِ جُمْلَةِ أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ. وَإِبْرَازُ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَا أَدْعُوكُمْ لِإِفَادَةِ تَقَوِّي الْخَبَرِ بِتَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى خَبَرِهِ الْفِعْلِيِّ.
وَفِعْلُ الدَّعْوَةِ إِذَا رُبِطَ بِمُتَعَلِّقٍ غَيْرِ مَفْعُولِهِ يُعَدَّى تَارَةً بِاللَّامِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي الْكَلَامِ، وَيُعَدَّى بِحَرْفِ (إِلَى) وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي الْقُرْآنِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الِاعْتِبَارَاتِ وَلِذَلِكَ عُلِّقَ بِهِ مَعْمُولُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِ (إِلَى) وَمَرَّةً بِاللَّامِ مَعَ مَا فِي رَبْطِ فِعْلِ الدَّعْوَةِ بِمُتَعَلِّقِهِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْمَعْنَوِيَّاتِ مِنْ مُنَاسَبَةِ لَامِ التَّعْلِيلِ مِثْلَ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ، وَرَبْطُهُ بِمَا هُوَ ذَاتٌ بِحَرْفِ (إِلَى) فِي قَوْلِهِ: أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ فَإِنَّ النَّجَاةَ هِيَ نَجَاةٌ مِنَ النَّارِ فَهِيَ نَجَاةٌ مِنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ، وَقَوْلِهِ: وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ وَقَوْلِهِ: وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لَا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا إِلَخْ، لِأَنَّ حَرْفَ (إِلَى) دَالٌ عَلَى الِانْتِهَاءِ لِأَنَّ الَّذِي يَدْعُو أَحَدًا إِلَى شَيْءٍ إِنَّمَا يَدْعُوهُ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ، فَالدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ الدُّعَاءُ إِلَى تَوْحِيدِهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ فَشُبِّهَ بِشَيْءٍ مَحْسُوسِ تَشْبِيهَ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ، وَشُبِّهَ اعْتِقَادُهُ صِحَّتَهُ بِالْوُصُولِ إِلَى الشَّيْءِ الْمَسْعِيِّ إِلَيْهِ، وَشُبِّهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَرْغُوبِ الْوُصُولُ إِلَيْهِ فَكَانَتْ فِي حَرْفِ (إِلَى) اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً وَتَخْيِيلِيَّةً وَتَبَعِيَّةً، وَفِي الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ، وَفِي أَدْعُوكُمْ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ وَتَخْيِيلِيَّةٌ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست