responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 152
يَقْتَضِي فِي لُغَتِهِمْ أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ تَخَطَّى مِنْ غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ وَأَنَّهُ سَيَطْرُقُ مَا يُغَايِرُ أَوَّلَ كَلَامِهِ مُغَايِرَةَ مَا تُشْبِهُ مُغَايِرَةَ الْمُتَعَاطِفَيْنَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَأَنَّهُ سَيَرْتَقِي بِاسْتِدْرَاجِهِمْ فِي دَرَجِ
الِاسْتِدْلَالِ إِلَى الْمَقْصُودِ بَعْدَ الْمُقْدِمَاتِ، فَانْتَقَلَ هُنَا إِلَى أَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا جَرَى مِنْهُمْ نَحْوَهُ وَهُوَ أَنَّهُمْ أَعْقَبُوا مَوْعِظَتَهُ إِيَّاهُمْ بِدَعْوَتِهِ لِلْإِقْلَاعِ عَنْ ذَلِكَ وَأَنْ يَتَمَسَّكَ بِدِينِهِمْ وَهَذَا شَيْءٌ مَطْوِيٌّ فِي خِلَالِ الْقِصَّةِ دَلَّتْ عَلَيْهِ حِكَايَةُ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ كَلَامُ آيِسٍ مِنِ اسْتِجَابَتِهِمْ لِقَوْلِهِ فِيهِ: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ [غَافِر: 44] ، وَمُتَوَقِّعٌ أَذَاهُمْ لِقَوْلِهِ:
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ [غَافِر: 44] ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى آخِرَ الْقِصَّةِ: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا [غَافِر: 45] فَصَرَّحَ هُنَا وَبَيْنَ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَفِي اتِّبَاعِهِ النَّجَاةُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى النَّجَاةِ حَقِيقَةً، وَلَيْسَ إِطْلَاقُ النَّجَاةِ عَلَى مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ بِمَجَازٍ مُرْسَلٍ بَلْ يَدْعُوهُمْ إِلَى حَقِيقَةِ النَّجَاةِ بِوَسَائِطَ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ اسْتِفْهَامٌ تَعَجُّبِيُّ بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِهِ بِجُمْلَةِ الْحَالِ وَهِيَ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ فَجُمْلَةُ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، أَيْ وَأَنْتُمْ تَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ وَلَيْسَتْ بِعَطْفٍ لِأَنَّ أَصْلَ اسْتِعْمَالِ: مَا لِي أَفْعَلُ، وَمَا لِي لَا أَفْعَلُ وَنَحْوِهُ، أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا عَنْ فِعْلٍ أَوْ حَالٍ ثَبَتَ لِلْمَجْرُورِ بِاللَّامِ (وَهِيَ لَامُ الِاخْتِصَاصِ) ، وَمَعْنَى لَامِ الِاخْتِصَاصِ يُكْسِبُ مَدْخُولَهَا حَالَةً خَفِيًّا سَبَبُهَا الَّذِي عُلِّقَ بِمَدْخُولِ اللَّامِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التَّوْبَة: 38] مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ [النَّمْل: 20] وَقَوْلِكَ لِمَنْ يَسْتَوْقِفُكَ: مَا لَكَ؟ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الَّتِي بَعُدَ اسْمِ الِاسْتِفْهَامِ وَخَبَرِهِ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً.
وَتَرْكِيبُ: مَا لِي وَنَحْوِهُ، هُوَ كَتَرْكِيبِ: هَلْ لَكَ وَنَحْوِهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى [النازعات: 18] وَقَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
أَلَا بَلِّغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... فَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْتُ وَيْحَكَ هَلْ لَكَ
فَإِذَا قَامَتِ الْقَرِينَةُ عَلَى انْتِفَاءِ إِرَادَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْحَقِيقِيِّ انْصَرَفَ ذَلِكَ إِلَى التَّعَجُّبِ مِنَ الْحَالَةِ، أَوْ إِلَى الْإِنْكَارِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. فَالْمَعْنَى هُنَا عَلَى التَّعَجُّبِ يَعْنِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست