responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 43
لِرُومَةَ وَانْفَرَدَ بِالسُّلْطَةِ فِي حُدُودِ سَنَةِ 322 مَسِيحِيَّةً، وَجَمَعَ شَتَاتَ الْمَمْلَكَةِ فَجَعَلَ لِلْمَمْلَكَةِ عَاصِمَتَيْنِ عَاصِمَةً غَرْبِيَّةً هِيَ رُومَةُ وَعَاصِمَةً شَرْقِيَّةً اخْتَطَّهَا مَدِينَةً عَظِيمَةً عَلَى بَقَايَا مَدِينَةِ بِيزَنْطَةَ وَسَمَّاهَا قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَانْصَرَفَتْ هِمَّتُهُ إِلَى سُكْنَاهَا فَنَالَتْ شُهْرَةً تَفُوقُ رُومَةَ. وَبَعْدَ مَوْتِهِ سَنَةَ 337 قُسِّمَتِ الْمَمْلَكَةُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، وَكَانَ الْقِسْمُ الشَّرْقِيُّ الَّذِي هُوَ بِلَادُ الرُّومِ وَعَاصِمَتُهُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ لِابْنِهِ قُسْطَنْطِينْيُوسَ، فَمُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ صَارَتْ مَمْلَكَةُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ هِيَ مَمْلَكَةُ الرُّومِ وَبَقِيَتْ مَمْلَكَةُ رُومَةَ مَمْلَكَةَ الرُّومَانِ. وَزَادَ انْفِصَالُ الْمَمْلَكَتَيْنِ فِي سَنَةِ 395 حِينَ قَسَّمَ طُيُودِسْيُوسُ بُلْدَانَ السَّلْطَنَةِ الرُّومَانِيَّةِ بَيْنَ وَلَدَيْهِ فَجَعَلَهَا قِسْمَيْنِ مَمْلَكَةً شَرْقِيَّةً وَمَمْلَكَةً غَرْبِيَّةً، فَاشْتَهَرَتِ الْمَمْلَكَةُ الشَّرْقِيَّةُ بِاسْمِ بِلَادِ الرُّومِ وَعَاصِمَتُهَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ. وَيُعْرَفُ الرُّومُ عِنْد الإفرنج بالبيزنطيين نِسْبَةً إِلَى بِيزَنْطَةَ اسْمُ مَدِينَةٍ يُونَانِيَّةٍ قَدِيمَةٍ وَاقعَة على شاطىء الْبُوسْفُورِ الَّذِي هُوَ قِسْمٌ مِنْ مَوْقِعِ الْمَدِينَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا. وَقَدْ صَارَتْ ذَاتَ تِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ قَبْلَ الْمَسِيح وسمّي ميناءها بِالْقَرْنِ الذَّهَبِيِّ. وَفِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ قَبْلَ الْمَسِيحِ خَلَعَتْ طَاعَةَ أَثِينَا. وَفِي أَوَاسِطِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ بَعْدَ الْمَسِيحِ جُعِلَ قُسْطَنْطِينُ سُلْطَانَ مَدِينَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.
وَهَذَا الْغَلَبُ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ انْهِزَامُ الرُّومِ فِي الْحَرْبِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُرْسِ سَنَةَ 615 مَسِيحِيَّةً. وَذَلِكَ أَنَّ خُسْرُو بْنَ هُرْمُزَ مَلِكَ الْفُرْسِ غَزَا الرُّومَ فِي بِلَادِ الشَّامِ وَفِلَسْطِينَ وَهِيَ مِنَ الْبِلَادِ الْوَاقِعَةِ تَحْتَ حُكْمِ هِرَقْلَ قَيْصَرِ الرُّومِ، فَنَازَلَ أَنْطَاكِيَةَ ثُمَّ دِمَشْقَ وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ الْعَظِيمَةُ عَلَى الرُّومِ فِي أَطْرَافِ بِلَاد الشَّام المحاداة بِلَادِ الْعَرَبِ بَيْنَ بُصْرَى وَأَذْرُعَاتَ. وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَة فِي أَدْنَى الْأَرْضِ أَي أدنى بِلَاد الرّوم إِلَى بِلَاد الْعَرَب.
فالتعريف فِي الْأَرْضِ لِلْعَهْدِ، أَيْ أَرْضِ الرُّومِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ، أَوِ اللَّامُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ فِي أَدْنَى أَرْضِهِمْ، أَوْ أَدْنَى أَرْضِ اللَّهِ. وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ أَدْنَى لِظُهُورِ أَنَّ تَقْدِيرَهُ: مِنْ أَرْضِكُمْ، أَيْ أَقْرَبِ بِلَادِ الرُّومِ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ بِلَادَ الشَّامِ تَابِعَةٌ يَوْمَئِذٍ لِلرُّومِ وَهِيَ أَقْرَبُ مَمْلَكَةِ للروم مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْهَزِيمَةُ هَزِيمَةً كُبْرَى لِلرُّومِ.
وَقَوْلُهُ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ إِخْبَارٌ بِوَعْدٍ مَعْطُوفٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست