responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 42
نَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ مَنْ غَلَبُوهُمْ بَعْدَ بِضْعِ سِنِينَ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ الْغَلَبُ فِي مِثْلِهِ غَلَبًا.
فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ هُوَ جُمْلَةُ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ وَكَانَ مَا قَبْلَهُ تَمْهِيدًا لَهُ. وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى الْمَجْهُولِ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ الحَدِيث على الْمَغْلُوبِ لَا عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ أَنَّ الَّذِينَ غَلَبُوا الرُّومَ هُمُ الْفُرْسُ.
والرُّومُ: اسْمٌ غَلَبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أُمَّةٍ مُخْتَلِطَةٍ مِنَ الْيُونَانِ وَالصَّقَالِبَةِ وَمِنَ الرُّومَانِيِّينَ الَّذِينَ أَصْلُهُمْ مِنَ اللاطينيين سكان بِلَاد إِيطَالْيَا نَزَحُوا إِلَى أَطْرَاف شَرق أوروبا.
تَقَوَّمَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمُسَمَّاةُ الرُّومَ عَلَى هَذَا الْمَزِيجِ فَجَاءَتْ مِنْهَا مَمْلَكَةٌ تَحْتَلُّ قِطْعَة من أوروبا وَقطعَة مِنْ آسْيَا الصُّغْرَى وَهِي بِلَاد الأناضول. وَقَدْ أَطْلَقَ الْعَرَبُ عَلَى مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
اسْمَ الرُّومِ تَفْرِقَةً بَيْنَهِمْ وَبَيْنَ الرُّومَانِ اللَّاطِينِيِّينِ، وَسَمَّوُا الرُّومَ أَيْضًا بِبَنِي الْأَصْفَرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ كِتَابِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَبْعُوثِ إِلَى هِرَقْلَ سُلْطَانِ الرُّومِ وَهُوَ فِي حِمْصَ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ إِذْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِأَصْحَابِهِ «لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ» .
وَسَبَبُ اتِّصَالِ الْأُمَّةِ الرُّومَانِيَّةِ بِالْأُمَّةِ الْيُونَانِيَّةِ وَتَكَوُّنِ أُمَّةِ الرُّومِ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ، هُوَ أَنَّ الْيُونَانَ كَانَ لَهُمُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى صِقِلِّيَةَ وَبَعْضِ بِلَادِ إِيطَالْيَا وَكَانُوا بِذَلِكَ فِي اتِّصَالَاتٍ وَحُرُوبٍ سِجَالٍ مَعَ الرُّومَانِ رُبَّمَا عَظُمَتْ وَاتَّسَعَتْ مَمْلَكَةُ الرُّومَانِ تَدْرِيجًا بِسَبَبِ الْفُتُوحَاتِ وَتَسَرَّبَتْ سُلْطَتُهُمْ إِلَى إِفْرِيقِيَا وَأَدَانِي آسْيَا الصُّغْرَى بِفُتُوحَاتِ يُولْيُوسْ قَيْصَرْ لِمِصْرَ وَشَمَالِ أَفْرِيقْيَا وَبِلَادِ الْيُونَانِ وَبِتَوَالِي الْفُتُوحَاتِ لِلْقَيَاصِرَةِ مِنْ بَعْدِهِ فَصَارَتْ تَبْلُغُ مِنْ رُومَةَ إِلَى أَرْمِينْيَا وَالْعِرَاقِ، وَدَخَلَتْ فِيهَا بِلَادُ الْيُونَانِ وَمَدَائِنُ رُودِسَ وَسَاقِسَ وَكَارْيَا وَالصَّقَالِبَةِ الَّذِينَ عَلَى نَهْرِ الطُّونَةِ وَلحق بهَا البيزنطيون المنسبون إِلَى مَدِينَةِ بِيزَنْطَةَ الْوَاقِعَةِ فِي مَوْقِعِ اسْتَانْبُولَ عَلَى الْبُسْفُورِ. وَهُمْ أَصْنَافٌ مِنَ الْيُونَانِ وَالْإِسْبَرْطِيِّينَ. وَكَانُوا أَهْلَ تِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ قَبْلَ الْمَسِيحِ ثُمَّ أَلَّفُوا اتِّحَادًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ رُودِسَ وَسَاقِسَ وَكَانَتْ بِيزَنْطَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَمْلَكَةِ إِسْكَنْدَرَ الْمَقْدُونِيِّ. وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَاقْتِسَامِ قُوَّادِهِ الْمَمْلَكَةَ مِنْ بَعْدِهِ صَارَتْ بِيزَنْطَةُ دَوْلَةً مُسْتَقِلَّةً وَانْضَوَتْ تَحْتَ سُلْطَةِ رُومَةَ فَحَكَمَهَا قَيَاصِرَةُ الرُّومَانِ إِلَى أَنْ صَارَ قُسْطَنْطِينُ قَيْصَرًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست