responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 298
وَالسَّلْقُ: قُوَّةُ الصَّوْتِ وَالصِّيَاحِ. وَالْمَعْنَى: رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْمَلَامَةِ عَلَى التَّعَرُّضِ لِخَطَرِ الْعَدُوِّ الشَّدِيدِ وَعَدَمِ الِانْصِيَاعِ إِلَى إِشَارَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمُسَالَمَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَفُسِّرَ السَّلْقُ بِأَذَى اللِّسَانِ. قِيلَ: سَأَلَ نَافِع بن الأرزق عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ سَلَقُوكُمْ فَقَالَ: الطَّعْنُ بِاللِّسَانِ. فَقَالَ نَافِعٌ: هَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْأَعْشَى:
فِيهِمِ الْخِصْبُ وَالسَّمَاحَةُ وَالنَّجْ ... دَةُ فِيهِمْ وَالْخَاطِبُ الْمِسْلَاقُ
وحِدادٍ: جَمْعُ حَدِيدٍ، وَحَدِيدٌ: كُلُّ شَيْءٍ نَافِذٌ فِعْلُ أَمْثَالِهِ قَالَ تَعَالَى فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق: 22] .
وَانْتَصَبَ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ فِي سَلَقُوكُمْ، أَيْ:
خَاصَمُوكُمْ وَلَامُوكُمْ وَهُمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ أَشِحَّةً عَلَى مَا فِيهِ الْخَيْرُ لِلْمُسْلِمِينَ، أَيْ أَنَّ خِصَامَهُمْ إِيَّاهُمْ لَيْسَ كَمَا يَبْدُو خَوْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِبْقَاءً عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُ عَنْ بُغْضٍ وَحِقْدٍ فَإِنَّ بَعْضَ اللَّوْمِ وَالْخِصَامِ يَكُونُ الدَّافِعُ إِلَيْهِ حُبُّ الْمَلُومِ وَإِبْدَاءُ النَّصِيحَةِ لَهُ، وَأَقْوَالُ الْحُكَمَاءِ وَالشُّعَرَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ هُنَا هُوَ الْمَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْراً [الْبَقَرَة: 180] .
وَقَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات: 8] ، أَيْ: هُمْ فِي حَالَةِ السِّلْمِ يُسْرِعُونَ إِلَى مَلَامِكُمْ وَلَا يُوَاسُونَكُمْ بِأَمْوَالِهِمْ لِلتَّجْهِيزِ لِلْعَدُوِّ إِنْ عَادَ إِلَيْكُمْ. وَدَخَلَتْ عَلَى هُنَا عَلَى الْمَبْخُولِ بِهِ.
أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.
جِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِقَصْدِ تَمْيِيزِهِمْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلُ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا سَيَرِدُ مِنَ الْحُكْمِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [5] .
وَقَدْ أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ انْتِفَاءِ الْإِيمَانِ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا كَشْفًا لِدَخَائِلِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوهِمُونَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست