responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 22
فَالْمَعْنَى: أَنَّ أَرْضِي الَّتِي تَأْمَنُونَ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَاسِعَةٌ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ وَالْقُرَى الْمُجَاوِرَةُ لَهَا مِثْلَ خَيْبَرَ وَالنَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ وَقَيْنُقَاعَ، وَمَا صَارَتْ كُلُّهَا مَأْمَنًا إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ تِلْكَ الْقُرَى أَحْلَافٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ.
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
أَنَّ عِلَّةَ الْأَمْرِ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ هِيَ تَمْكِينُهُمْ مِنْ إِظْهَارِ
التَّوْحِيدِ وَإِقَامَةِ الدِّينِ. وَهَذَا هُوَ الْمِعْيَارُ فِي وُجُوبِ الْهِجْرَةِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يُفْتَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ فِي دِينِهِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ فِيهِ أَحْكَامٌ غَيْرُ إِسْلَامِيَّةٍ. وَالنِّدَاءُ بِعُنْوَانِ التَّعْرِيفِ بِالْإِضَافَةِ لِتَشْرِيفِ الْمُضَافِ. وَمُصْطَلَحُ الْقُرْآنِ أَنَّ (عِبَادَ) إِذَا أُضِيفَ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ فَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمُؤْمِنُونَ غَالِبًا إِلَّا إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ كَقَوْلِهِ: أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ [الْفرْقَان: 17] ، وَعَلِيهِ فالوصف بِ الَّذِينَ آمَنُوا
لِمَا فِي الْمَوْصُولِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ حَقًّا وَلَكِنَّهُمْ فُتِنُوا إِلَى حَدِّ الْإِكْرَاهِ عَلَى إِظْهَارِ الْكُفْرِ.
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَإِيَّايَ
فَاءُ التَّفْرِيعِ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاعْبُدُونِ
إِمَّا مُؤَكِّدَةٌ لِلْفَاءِ الْأُولَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحْقِيقِ التَّفْرِيعِ فِي الْفِعْلِ وَفِي مَعْمُولِهِ، أَيْ فَلَا تَعْبُدُوا غَيْرِي فَاعْبُدُونِ وَإِمَّا مُؤْذِنَةٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ نَاصِبُ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ تَأْكِيدًا لِلْعِبَادَةِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَإِيَّايَ اعْبُدُوا فَاعْبُدُونِ، وَهُوَ أَنْسَبُ بِدَلَالَةِ التَّقْدِيمِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَفَادَ الْأَمْرَ بِتَخْصِيصِهِ بِالْعِبَادَةِ كَانَ ذِكْرُ الْفَاءِ عَلَامَةَ تَقْدِيرٍ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ قُصِدَ مِنْ تَقْدِيرِهِ التَّأْكِيدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ [40] .
وَحُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ بَعْدَ نُونِ الْوِقَايَةِ تَخْفِيفًا، وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ. ونظائره كَثِيرَة.
[57]

[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 57]
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (57)
اعْتِرَاضٌ ثَانٍ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ قُصِدَ مِنْهَا تَأْكِيدُ الْوَعِيدِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ:
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ [العنكبوت: 52] إِلَى آخِرِهَا، وَالْوَعْدُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً [العنكبوت: 58] أَيِ الْمَوْتُ مُدْرِكٌ جَمِيعَ الْأَنْفُسِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست